[ 22 ] من فعلهم باطنا وظاهرا منسوب إليهم لا إليه لوجوب (1) وقوعه بحسب الداعي والارادة، وانتفائه بحسب الصارف والكراهة، فلو لم يكن فعلا ممن وقع منه لم يجب ذلك، وجاز خلافه، كما لا يجب في كل ما ليس من فعلهم ذلك، لظهور الفرق بينهما، ولان وجوب استحقاقهم المدح على فعل، والذم على آخر كاشف عن كونهم فاعلين وإلا لم يكن لهذا الاستحقاق وجه، كما لا وجه له في كل ما لا تعلق لهم بفعله، ولانهم مأمورون ومنهيون، مرغبون بالمثوبة على امتثال ما أمروا به، مرهبون بالعقوبة على مخالفتهم، فلولا أنهم ممكنون من ذلك، لم يكن لجميعه وجه، ولان نفي كونهم فاعلين يسد طريق العلم بإثبات الفاعل مطلقا، وثبوت الفعل مع انتقاء الفاعل مما لا يعقل، لكونه جهالة. وقد ظهر بذلك أن أفعالهم ليست مخلوقة فيهم، ويزيده ظهورا أنه يستحيل وقوع الفعل الواحد بفاعلين، كما يستحيل وقوع مقدور الواحد بقدرتين، لاستحالة كون الشئ الواحد موجودا معدوما، واقعا مرتفعا، في حالة واحدة، فيتحقق بذلك بطلان الكتب، وإن كان غير معقول، لكون العلم بكل واحد من صحته وحقيقته موقوفا بالعلم على الآخر، مع أنه إن كان نفس الفعل فهو واقع بفاعله، وإن كان وجهه الذي يقع عليه فهو تابع لاختيار الفاعل وقصده، لاستحالة تجرده عن ذات الفعل وماهيته، فلا معنى لكون العبد مكتسبا إلا كونه فاعلا، وليس في العقلاء من يسند الفعل الواحد إلى فاعلين: أحدهما محمود، وهو الخالق، والآخر مذموم، وهو العبد المكتسب، إلا المجبرة والمجوس. وإذا ثبت كون العباد فاعلين ثبت كونهم قادرين، لاستحالة وقوع المقدور ________________________________________ 1 - في " ج ": بوجوب. ________________________________________