[ 77 ] العدول عن الرواية الضعيفة، ونزح أربعين دلوا. فإن قيل: إذا لم يعمل بالرواية، فلم ينزح منها أربعون دلوا؟ ولم لا ينزح جميع مائها؟ لأنه داخل في حكم ما لم يرد به نص معين. قيل له: لا خلاف بين أهل النظر، والتأمل في أصول الفقه، أن الموت يزيد النجس نجاسة، فإذا كان الكلب بموته في البئر ينزح منها أربعون دلوا، فما يكون وقوعه فيها وهو حي يزيد على نجاسة موته، وبعد فإنه يلزمه ما ألزمناه، في نزول الانسان الكافر إلى البئر، وتنجيسه لها، ووجوب نزح جميع مائها، لأنه عنده لم يرد به نص، فإذا مات بعد ذلك فيها، وجب نزح سبعين دلوا، أتراه انقلب جنسه وزال ذلك الحكم، ولا خلاف أن الموت ينجس الطاهر، ويزيد النجس نجاسة، وهذا قلة فقه. ثم أصول المذهب تدفعه، لأن نجاسة البئر لا يرفعها إلا إخراج بعضه أو جميعه، وهذا ما أخرج شيئا حتى يتغير حكمه. وينزح منها لموت الطائر، جميعه، نعامة كان الطائر أو غيرها، من كباره أو صغاره، ما عدا العصفور، وما في قدر حجمه وما شا كله تقريبا في الجسمية، سبع دلاء. وللعصفور وما أشبهه في المقدار، دلو واحد، وكذلك ينزح للخطاف والخفاش دلو واحد، لأنه طائر في قدر جسم العصفور. وينزح للفارة إذا تفسخت، وحد تفسخها انتفاخها سبع دلاء، فإن لم تنفسخ فثلاث دلاء. وإذا وقع جماعة من الجنس الواحد الذي يجب نزح بعض ماء البئر بموته فيها، مثل أن يموت فيها ألف كلب، فينزح منها ما ينزح لكلب واحد فحسب. فأما إن مات فيها أجناس مختلفة، مثال ذلك: كلب وخنزير وسنور وثعلب وأرنب، فالواجب أن ينزح لكل جنس عدده، لأن عموم الأخبار وظواهر النصوص تقتضيه، فمن ادعى تداخلها فعليه الدلالة، ودليل الاحتياط يعضده أيضا ويشيده. ________________________________________