[ 75 ] والخصوص قوله تعالى: " ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن " (1). فلو قضينا بالعموم في الآية الأولى لرفعنا حكم آية الحيض جملة ولو تركنا العمل بأحدهما لخالفنا الأمر في قوله تعالى: " واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم " (2) فلم يبق إلا القضاء بالخصوص على العموم حسب ما بيناه. فلما قال الشارع: إذا وقع في البئر انسان ومات فيها، يجب نزح سبعين دلوا، علمنا أن هذا عموم، ولما اجمعنا على أنه إذا باشرها كافر وجب نزح جميع مائها، علمنا أنه خصوص، لأن الانسان على ضربين: مسلم محق، وكافر مبطل هذا انسان، وهذا انسان بغير خلاف، فانقسم الانسان إلى قسمين، والكافر لا ينقسم، لا يقال: هذا كافر وليس هذا بكافر، فإن أريد بالكافر الانسان على القسمين معا كان مناقضة في الأدلة، والأدلة لا تتناقض، فلم يبق إلا أنه أراد بالانسان ما عدا الكافر الذي هو أحد قسمي الانسان، وما هذا إلا كإستدلالنا كلنا على المعتزلة في تعلقهم بعموم آيات الوعيد، مثل قوله تعالى: " وإن الفجار لفي جحيم " (3) ففجار أهل الصلاة داخلون في عموم الآية، فيجب أن يدخلوا النار ولا يخرجوا منها فجوابنا لهم: إن الفجار على ضربين: فاجر كافر، وفاجر مسلم، وقد علمنا بالأدلة القاهرة من أدلة العقول التي لا يدخلها الاحتمال إن فاجر أهل الصلاة غير مخلد في النار، وهو مستحق للثواب بإيمانه، قال الله تعالى في آية أخرى: " جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأويهم جهنم وبئس المصير " (4)، فعلمنا أن الفجار في الآية من عدا فجار أهل الصلاة من فجار الكفار، لأنه ليس كل فاجر كافرا وكل كافر فاجرا، فأعطينا كل آية حقها وكنا عاملين بهما جميعا فالعموم قد يخص بالأدلة لأنه لا صيغة له عندنا. ________________________________________ (1) البقرة: 222. (2) الزمر: 55. (3) الانفطار: 14. (4) التوبة: 73. ________________________________________