[ 14 ] ولم يقف الخلاف والاختلاف عند هذا الحد، فقد اتسع نطاقه بعد الاختلاف في الزعامة السياسية، حتى شمل القيادة الفكرية، فحدثت مذاهب واتجاهات، ووجدت مناهج متباينة في المعارف الاعتقادية، التي تشكل أعمدة الدين وأصوله وجذور الاسلام وأسسه. فاختلف المسلمون - في هذا المجال - إلى معتزلة وجبرية، وانقسمت الأولى إلى واصلية، هذلية، نظامية، خابطية، بشرية، معمرية، مردارية، ثمامية، هشامية، جاحظية، خياطية. كما انقسم منافسوا المعتزلة (أعني الجبرية) إلى: جهمية، نجادية، ضرارية وقد كان هذا الاختلاف في إطار خاص، أي في معنى الاسلام والايمان وما يرجع إلى فعل الله سبحانه، وإذا أضفنا إليه الاختلاف سائر النواحى، فنرى أنهم اختلفوا في صفاته سبحانه إلى: أشعرية، ومشبهة وكرامية. وقد أوجبت هذه الاختلافات والنقاشات إلى وقوع حروب دامية، وصراعات مدمرة أريقت فيها الدماء البريئة - من المسلمين، وسحقت الكرامات غير أن إطار الاختلاف لم يقف عند ذلك، فقد حدث اختلاف في مصير الانسان وما يؤول إليه بعد موته من البرزخ ومواقفه، ويوم القيامة وخصوصياته، إلى غيرها من الاختلافات والمنازعات الفكرية العقيدية، التي فرقت شمل المسلمين، ومزقت وحدتهم وكأنهم نسوا قول الله تعالى: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " (الأنبياء 92) فصارت الأمة الواحدة أمما متعددة، وأصبحت اليد الواحدة أيدي متشتتة ولو أضفنا إلى ذلك ما حدث بين المسلمين من الاختلاف في المناهج الفقهية التي أرساها الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين، إلى أن وصل الدور إلى الأئمة الأربعة يقف الانسان على اختلاف واسع مروع، وعند ذلك يتساءل الانسان ويسأل ________________________________________