[ 82 ] غير أنا علمنا بوجوب المعرفة ووجوب الرئاسة لجميع الخلق انهما لطفان لجميعهم، ولولا السمع لكان يجوز أن يكون في المكلفين من يختار فعل الواجب والامتناع من القبح وان لم تجب عليه المعرفة ولا نصيب له، لكن الاجماع مانع منه ومن تعلق لطفه بفعل قبيح في مقدوره تعالى. [ والصحيح انه لا يحسن تكليفه، لان هذا له لطف مراحم به علته، وانما لم يحسن أن يفعله تعالى لامر يرجع إلى حكمه، وفي الناس من اجازه وأجراه مجرى من لا لطف له ] 1)، والصحيح الاول. ومتى تعلق لطفه بفعل قبيح من مقدور غير الله فلا يحسن تكليفه أيضا، لانه لا يحسن تكليف الغير ذلك الفعل لقبحه. وأما الاصلح في باب الدنيا فهو الانفع الا الذي لا يتعلق به لطف فانه لا يجب على الله تعالى، لانه لو وجب ذلك لادى إلى وجوب ما لا يتناهى وذلك محال. أو إلى أن لا ينفك القديم تعالى من الاخلال بالواجب وذلك فاسد. وانما قلنا ذلك لان النفع اللذة وهو تعالى يقدر من جنسهما على ما لا يتناهى فلو كان ذلك واجبا لادى إلى ما قلناه، ولو قلنا هربا من ذلك أنه لا يقدر الا على متناه أدى إلى القول بتناهي مقدورات الله، وذلك كفر. ولا يلزم على ذلك أن يكون اللطف في باب الدين مثل ذلك، لان اللطف في باب الدين بحسب المعلوم، وليس يجب أن يكون المقدور منه ما لا نهاية له. ولو فرضنا ذلك لقبح المكلف وان كان ذلك بعيدا. وليس كذلك اللذة والنفع، لانه يرجع إلى جنس المقدور فيجب أن يكون قادرا منه على ما لا نهاية له. ويدل ايضا على أن الاصلح في باب الدنيا غير واجب أنه لو كان واجبا ________________________________________ 1) الزيادة ليست في ر. ________________________________________