[ 27 ] صوارفنا حدوثها أيضا، فعلمنا أن علة حاجتها الينا حدوثها. والثاني: أن هذه الاشياء لها ثلاثة أحوال: حال عدم، وحال حدوث، وحال بقاء. فهي لا تحتاج الينا في حال عدمها، لكونها معدومة في الازل، وهي تستغني عني في حال بقائها، وانما تتعلق بنا وتحتاج الينا في حال حدوثها، فعلمنا بذلك أن علة حاجتها الينا الحدوث، فعند ذلك نحكم بحاجة الاجسام، إذا ثبت حاجة حدوثها إلى محدث للاشتراك في علة الحاجة. وهذه الجملة كافية في هذا الباب، فان استيفاء ذلك ذكرناه في شرح الجمل، وفي هذا القدر كفاية انشاء الله تعالى. وأما ما يجب أن يكون عليه من الصفات: فأول ذلك أنه يجب أن يكون قادرا، لان الفعل لا يصح أن يصدر الا من قادر. ألا ترى أنا نجد فرقا بين من يصح منه الفعل وبين من يتعذر عليه ذلك، فلابد من أن يكون من صح منه الفعل مختصا بأمر ليس عليه من تعذر عليه ذلك والا تساويا في الصحة أو التعذر [ وقد علمنا خلافه ] 1). وأهل اللغة من اختص بهذه المفارقة يسمونه قادرا، فأثبتت المفارقة لمقتضى العقل والتسمية لاجل اللغة، فإذا كان صانع العالم صح منه الفعل وجب أن يكون قادرا. على أنا دللنا على أن أفعالنا محتاجة الينا دال على حاجتها إلى من له صفة المختارين، فاسنادها إلى من ليس له صفة المختارين في البطلان كبطلان اسنادها إلى مؤثر، وكلاهما فاسدان. على أن صانع العالم لا يخلو من أن يكون قادرا مختارا أو موجبا هو علة أو سبب، ولا يجوز أن يكون علة ولا سببا، لانهما لا يخلو من أن يكونا قديمين أو محدثين، فلو كانا محدثين لاحتاجا إلى علة أخرى أو سبب آخر، وذلك يؤدي إلى ما لا نهاية له من العلل والاسباب، وان كانا قديمين وجب أن يكون ________________________________________ 2) الزيادة من ر. ________________________________________