[ 246 ] (فصل) * (في الرجوع عن الشهادة) * إذا شهد الشهود عند الحاكم بحق فعرف عدالتهم، ثم رجعوا لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يرجعوا قبل الحكم أو بعده وقبل القبض أو بعد الحكم والقبض معا فإن رجعوا قبل الحكم لم يحكم بلا خلاف إلا أبا ثور، فإنه قال يحكم به، والأول أصح، وإن رجعوا بعد الحكم وقبل القبض نظرت، فإن كان الحق حد الله كالزنا والسرقة وشرب الخمر، لم يحكم بها لأنها حدود تدرأ بالشبهات، ورجوعهم شبهة وإن كان حقا لآدمي يسقط بالشبهة، كالقصاص وحد القذف، لم يستوف لمثل ذلك وأما إن رجعوا بعد الحكم وبعد الاستيفاء أيضا لم ينقض حكمه بلا خلاف إلا سعيد بن المسيب والأوزاعي، فإنهما قالا ينقض والأول أصح. فإذا ثبت أن الحكم لا ينقض، فإن المستوفي قد قبض، فلا اعتراض عليه، وما الذي يجب على الشهود؟ لا يخلو المستوفى منه من ثلاثة أحوال إما أن يكون إتلافا مشاهدة، كالقتل والقطع أو حكما كالطلاق والعتق، أو لا مشاهدة ولا حكما كنقل المال من رجل إلى آخر، وإن شئت قلت: لا يخلو أن يكون إتلافا أو في حكم الاتلاف أو خارجا عنهما، فإن كان إتلافا كالقتل والقطع في السرقة وغيرها، ففيها مسائل. إن قالت الشهود أخطأنا كلنا فلا قود ويجب الدية مخففة في أموالهم لأنها لا يثبت إلا بالاعتراف، وإن قالوا عمدنا كلنا وقصدنا أن يقطع أو يقتل، فعليهم القود وفيها خلاف وإن قالوا عمدنا كلنا وقصدنا غير أنا لم نعلم أن الحاكم يقتله بذلك، و كانوا من أهل الجهالة، فهو عمد الخطاء عليهم الدية مغلظة مؤجلة في أموالهم. وإن قال اثنان عمدنا كلنا، وقال الآخران أخطأنا كلنا، فالقود على من قال عمدنا كلنا، لأنهما اعترفا بما يوجب القود، وعلى الآخرين نصف الدية، لأنهما ما اعترفا بما يوجب القود، غير أن عندنا إن قتلهما أولياء المقتول لزمهم أن يردوا ________________________________________