[ 16 ] الأربعة أيضا، وكذا غيرهما من الأقطاب، وإنا لا ننكر فضلهم بل نشكرهم على حسن صنيعهم ونقدر مجهودهم ونسأل الله لهم الأجر والثواب الجزيل، إلا أنه لا بدلنا من الاعتراف بأن شيخ الطائفة بمفرده قام بما لا نقوم به الجماعة، ونهض بأعباء ثقيلة لم يكن من السهل على غيره النهوض بها لولا العناية الربانية التي شدت عضده، فإن الغير ممن أجهد نفسه الكريمة فكتب وألف قد خص موضوعا واحدا كالفقه أو الحديث أو الدعاء أو غير ذلك بينما لم يدع شيخ الطائفة بابا إلا طرقه، ولا طريقا إلا سلكها، وقد ترك لنا نتاجا طيبا متنوعا غذى عقول فطاحل عدة قرون وأجيال. ومع ما ذكرناه مما حل بكتب الشيعة من حريق وتلف وتدمير، فقد شذت مجموعة نادرة منها، وبقيت عدة من تلك الكتب بهيأتها إلى أوائل القرن الثامن، ومنها عدد كثير من كتب الأدعية، فقد حصلت جملة وافية للسيد جمال السالكين رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن محمد الطاووسي الحسيني الحلي المتوفى سنة 664 ه‍، كما يظهر ذلك من النقل عنها في أثناء تصانيفه، فقد ذكر في الفصل الثاني والأربعين بعد المائة من كتابه (كشف المحجة) الذي ألفه سنة 649 ه‍ ولده إلى تعلم العلوم ما لفظه: (هيأ الله جل جلاله لك على يدي كتبا كثيرة - إلى قوله بعد ذكر كتب التفسير -: وهيأ الله جل جلاله عندي عدة مجلدات في الدعوات أكثر من ستين مجلدا). وبعد هذه السنة حصلت عنده عدة كتب أخرى، فقال في آخر كتابه (مهج الدعوات) الذي فرغ منه يوم الجمعة 7 جمادى الأولى سنة 662 ه‍ يعني قبل وفاته بسنتين تقريبا: (فإن في خزانة كتبنا هذه الأوقات أكثر من سبعين مجلدا في الدعوات). أقول: وأما سائر كتبه فقد جاء في (مجموعة الشهيد)، أنه جرى ملكه في سنة تأليفه (الاقبال) - وهي سنة 650 ه‍ - على ألف وخمسمائة كتاب. والله أعلم بما زيد عليها من هذا التأريخ إلى وفاته في سنة 664 ه‍ وهذه النيف والسبعون مجلدا من كتب الدعوات التي عنده كلها كانت من كتب المتقدمين ________________________________________