[ 15 ] فنحن نقف إزاء هذه الرواية المضطربة في متنها وسندها موقف الارتياب والاستغراب، فبينما نجد ابن أبي الحديد يسندها لأبي حامد الأسفراييني مع الوزير محمد ابن خلف، نجد رواية ابن مهنا صاحب العمدة مسندة إلى أبي إسحاق الصابي مع الوزير المهلبي مع فروق في المتن كما أسلفنا. فإذا علمنا أن الوزير المهلبي أبا أحمد الحسن بن محمد بن هارون - وزير معز الدولة البويهي - قد توفي سنة 352 ه وهاتيك السنة هي قبل مولد المرتضى بثلاث سنين حيث كان مولده - رحمه الله - سنة 355 ه، هان علينا تفنيد الرواية بداهة. زيادة على ذلك أن الرواية الأولى تجعل الداخل الأول على الوزير هو الشريف الرضي بينما الرواية الثانية تجعله المرتضى. هذا ما يشير إما إلى اختلاق الرواية ووضعها من الأساس، أو إلى تحريفها أو المبالغة فيها على أقرب الاحتمالات لما سنوضحه قريبا. فالمرتضى في سعة عن التوسل بهذه الوسائل الركيكة التي لا تناسب منزلته ومقامه لدى الوزير ولدى الخلفاء أنفسهم لرفع هذه الضريبة اليسيرة، وذلك لما رزق من عزة في النفس وحظ وافر من الجاه زيادة على النعمة والثراء المصحوب بالبذل والسخاء الذي دلتنا عليه سيرته الحميدة وكرمه المعروف وبذله الفذ، حتى ليم على كثرة الانفاق والعطاء مرارا، فقال في ذلك مجيبا لهم قصائد مذكورة في هذا الديوان نذكر منها على سبيل الشاهد قوله من قصيدة حسنة: دعي منظري إن لم أكن لك رائعا * ولا تنظري إلا إلى حسن مخبري فإني وخير القول ما كان صادقا * لدي الفخر سباق إلى كل مفخر منها: وأعلم أن الدهر يعبث صرفه * بما شاء من مال البخيل المقتر منها: عذلت على تبذير مالي وهل ترى * نجمع إلا للجؤور المبذر؟ أفرقه من قبل أن حال دونه * رحيلي عنه بالحمام المقدر مضى قيصر من بعد كسرى وخليا الت * لاعب في أموال كسرى وقيصر وغير ذلك مما سيأتي ذكره. وقد استفاض عنه إنفاقه على مدرسته العلمية التي تعهد بكفاية طلابها مؤونة ________________________________________