[ 18 ] الاول يرى أن التحقيق يقتصر على إخراج النص مصححا، سليما من التصحيف والتحريف، وحسب، فلا مبرر بعد هذا لاي جهد إضافي يبذله المحقق في جوانب خارجة عن تقويم النص. ويرى الثاني - على خلاف الاول - أن تقويم النص ليس سوئ جزء واحد من العمل التحقيق لابد أن ترافقه جهود مكثفة في الجوانب التي تتصل مباشرة بنص الكتاب، من قبيل مقابلة نصوص الكتاب مع النصوص المماثلة في المصادر المعتمدة، وتخريج النصوص، وشرح مبهماتها، وضبط مفرداتها، ليأتي العمل متكاملا متحد الاجزاء. والمنهج الاول إن كان يوفر على المحقق جهدا وعناء كبيرين، ويوفر عليه من الوقت ما لا يدركه إلا العاملون في التحقيق، فهو للاسف لا يخدم الكتاب كثيرا. فالنص وأن صحح وضبط إلا أنه قد لا يخلو من خطأ ما لم يقابل مع غيره من المصادر المعتمدة الموثوقة. والقارئ - وإن سهلت عليه قراءة المطبوع - غير أن تخريج النصوص وشرح المبهمات وترجمة المهم الغامض من الاعلام والمدن لها الدور الاهم في فهم النص وتقبله، وخصوصا إذا تنبهنا إلى حقيقة أن ليس كل القراء علماء. ولكن المنهج الثاني هو الاخر لا يخلو من افة، وإن لم تكن فيه نفسه كمنهج، وإنما جاءته من بعض من ركبه وهولا يحسن العوم فيه. فترى منهم من شانه أن يعبى في الهوامش كل ما امتدت إليه يده، فيحملها كلاما ثقيلا مما بلا أدنى مبرر، يشرح أيسر الالفاظ، ويسهب في تفصيل ما لا تجد ضرورة لذكره أصلا، ويطيل في ترجمة أشهر البلدان والاعلام، ناسيا أنه سيترك ثقله هذا كته على صدر القارئ، متسببا في ضجره ونفرته من تتبع الكتاب وربما حتى من تصفح أوراقه! ومنهم من اتخذ هذا المنهج طريقا لافراغ آرائه الشخصية لا غير، فهو يعلق على الاحاديث والاخبار فيبطل منها ما يخالف هواه وان كان صحيحا ثابتا متفقا ________________________________________