إبن الجزري الشافعي إماما عالما فاضلا مفيدا يشارك في سائر العلوم مشاركة جيدة مع العقل والدين والإيثار لأهل الضرورات وكان يتجر فكثر ماله فأردا الصاحب أن يتعرض له قال فخفت منه خوفا شديدا فلما كان في بعض الليالي رأيت النبي في المنام فقلت يا رسول الله إني خائف من الصاحب فقال لا تخف منه وقل له بعلامة كذا وكذا لا تؤذني فرسول الله يشفع في فلما انتبهت صليت الصبح وركبت دابتي ووقفت للصاحب في الطريق وهو طالع إلى القلعة قال فسلمت عليه وصحبته وقلت له معي رسالة فقال ممن قلت من رسول الله وقال قل له بعلامة كذا وكذا فقال صدقت أنت وصدق رسول الله وأنا اليوم أتشفع بك إلى رسول الله فالمولى يرسم والمملوك يمتثل ومهما كان لك من الحوائج تعرفني بها أو لأحد أصحابك .
وطلب بعض أمراء الجور رجلا أراد منه شيئا وهدده تهديدا .
وتواعده بالعقوبات فقال له الرجل أنا أتشفع إليك بسيد الأولين والآخرين أن لا تتعرض لي بما لا يحل لك فلم يلتفت إليه ولا إلى قوله فلما أصبح الصباح طلب الأمير الرجل وأكرمه بعد أن فك عنه الطلب فقيل للأمير في ذلك فقال رأيت البارحة رسول الله فنهزني وهم بي وقال يتشفع بي إليك ولا تقبل فوالله لا يتشفع به أحد إلي إلا قبلت شفاعته فإني خفت على نفسي الهلكة وعن منصور بن عبد الله قال سمعت إبن الجلاء يقول دخلت مدينة الرسول وبي شيء من الفاقة فتقدمت إلى القبر فسلمت على النبي وعلى ضجيعيه أبي بكر Bه وعمر Bه ثم قلت يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك الليلة ثم تنحيت ونمت بين القبر والمنبر وإذا أنا بالنبي قد جاءني ودفع إلي رغيف خبز فأكلت نصفه فانتبهت فإذا في يدي نصف الرغيف ومن تتمة القصة أن قال إبن الجلاء انه دام بعد ذلك أربعين سنة لم يحتج فيها إلى طعام الدنيا ولا إلى شرابها ببركة تلك الأكلة قال العلماء الظاهر أن ما أتاه به النبي من طعام الجنة لأن من أكل من طعام الجنة إستغنى عن طعام الدنيا قالوا وهذه رؤيا حق لما جاء في الحديث من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي .
ومثل هذا وقع للسيد الجليل أبي الخير الأقطع صاحب المقامات الباهرة