والتسبيد فإذا رأيتموهم فأنيموهم أي اقتلوهم والتسبيد هو الحلق واستئصال الشعر وقيل ترك التدهن وغسل الرأس وغير ذلك والأحاديث في ذلك كثيرة وفي واحد كفاية لمن أراد الله عزوجل به الرشد والهداية فقد أوضحهم سيد الناصحين بإعتبار أوصافهم وأماكنهم إيضاحا جليا لا خفاء فيه ولا جهالة فلا يتوقف في معرفتهم بعد ذلك إلا من أراد الله تعالى إضلاله وإذا تمهد لك هذا أيها الراغب في فكاك نفسك من ربقة عقائد أهل الزيغ الضالين المضلين والإقتداء بأهل السلامة في الدين .
فاعلم أني نظرت في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ المتتبع ما تشابه في الكتاب والسنة إبتغاء الفتنة وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم ممن أراد الله عزوجل إهلاكه فوجدت فيه مالا أقدر على النطق به ولا لي أنامل تطاوعني على رسمه وتسطيره لما فيه من تكذيب رب العالمين في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين وكذا الإزدراء بأصفيائه المنتخبين وخلفائهم الراشدين وأتباعهم الموفقين فعدلت عن ذلك إلى ذكر ما ذكره الأئمة المتقون وما اتفقوا عليه من تبديعه وإخراجه ببعضه من الدين فمنه ما دون في المصنفات ومنه ما جاءت به المراسيم العليات وأجمع عليه علماء عصره ممن يرجع إليهم في الأمور الملمات والقضايا المهمات وتضمنه الفتاوي الزكيات من دنس أهل الجهالات ولم يختلف عليه أحد كما إشتهر بالقراءة والمناداة على رءؤس الأشهاد في المجامع الجامعة حتى شاع وذاع وإتسع به الباع حتى في الفلوات فمن ذلك نسخة المرسوم الشريف السلطاني ناصر الدنيا والدين محمد بن قلاوون C تعالى وقرئ على منبر جامع دمشق نهار الجمعة سنة خمس وسبعمائة صورته .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير .
وتعالى عن المثل فقال تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
أحمده على ما ألهمنا من العمل بالسنة والكتاب .
ورفع في أيامنا أسباب الشك والإرتياب .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير .
وينزه خالقه عن التحيز في جهة لقوله تعالى وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك سبيل مرضاته وأمر بالتفكر في الآيات ونهى عن التفكر في ذاته وأصحابه الذين علا بهم منار الإيمان وإرتفع وشيد الله بهم من قواعد الدين الحنيفي ما شرع وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع وبعد فإن القواعد الشرعية وقواعد الإسلام المرعية وأركان الإيمان العلمية ومذاهب الدين المرضية هي الأساس الذي يبنى عليه والموئل الذي يرجع كل أحد إليه والطريق التي من سلكها فاز فوزا عظيما ومن زاغ عنها فقد إستوجب عذابا أليما ولهذا يجب أن تنعقد أحكامها ويؤكد دوامها وتصان عقائد هذه الأمة عن الإختلاف وتزان بالرحمة والعطف والإئتلاف وتخمد ثوائر البدع ويفرق من فرقها ما إجتمع وكان إبن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه ومد بجهله عنان كلمه وتحدث بمسائل الذات والصفات ونص في كلامه الفاسد على أمور منكرات وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون وفاه بما إجتنبه الأئمة الأعلام الصالحون وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام وإنعقد على خلافة إجماع العلماء والحكام وشهر من فتاويه ما إستخف به عقول العوام وخالف في ذلك فقهاء عصره وأعلام علماء شامه ومصره وبث به رسائله إلى كل مكان وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان ولما إتصل بنا ذلك وما سلك به هو ومريدوه من هذه المسالك الخبيثة وأظهروه من هذه الأحوال وأشاعوه وعلمنا أنه إستخف قومه فأطاعوه حتى إتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتشبيه والتجسيم فقمنا في نصرة الله مشفقين من هذا النبأ العظيم وأنكرنا هذه البدعة وعزنا أن يشيع عمن تضمنه ممالكه هذه السمعة وكرهنا ما فاه به المبطلون وتلونا قوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون فإنه سبحانه وتعالى تنزه في ذاته وصفاته عن العديل والنظير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير فتقدمت مراسيمنا بإستدعاء إبن تيمية