[30] (وَالّذينَ إذا أنْفَقُوا لَم يُسرِفُوا وَلَم يَقْتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوامَاً)(1). ونهى القرآن عن التبذير أيضاً بلحن شديد، فعرّف المبذّرين بأنّهم إخوان الشياطين حيث قال: (وَآتِ ذا القُربَى حَقَّهُ وَالمِسكِينَ وَابنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّر تَبْذِيراً * إنَّ المُبَذِّرينَ كَانُوا إخوانَ الشَّياطينِ وَكَانَ الشَّيطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورَاً)(2). الفرق بين الإسراف والتّبذير وقد وقع الكلام بين المحقّقين في بيان الفرق بين الإسراف والتبذير، والّذي يظهر من خلال الدقّة والتأمّل أنّ الإسراف بمعنى الخروج عن حدّ الاعتدال والاقتصاد من دون تضييع شيء بحسب الظاهر، كلبس الثياب الثمينة القيّمة الّتي تساوي قيمتها أضعاف قيمة الثياب العادية مئات المرّات مثلا، فهو إسراف، وفي الحال لم يضيّع شيء، ولكن التبذير هو ما يؤدي إلى تضييع نعم الله تعالى، كما إذا هيّأ لعشرة أشخاص مثلا طعام خمسين شخصاً بحيث يطرح الزائد ويفسد. هذا هو الفرق بين الكلمتين، ويؤيد ذلك أيضاً المعنى اللغوي لهما، نعم ربّما اتحدا واستعملا في معنى واحد. سعة دائرة مفهومي الإسراف والتّبذير ثمّ إنّ دائرة مفهوم الإسراف أو التبذير واسعة بحيث تشمل أخسّ الأشياء فضلا عن الموضوعات المهمّة والأشياء الثمينة، فقد جاء في حديث داود الرقّي عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الفرقان: 67. (2) الإسراء: 26 ـ 27.