( 31 ) الساجد لله طينته الوضيعة الخسيسة التي خلق منها، واليها يعود، ومنها يعاد تارة أخرى، حتى يتعظ بها، ويكون على ذكر من وضاعة أصله، ليتأتى له خضوع روحي، وذل في الباطن. وانحطاط في النفس، واندفاع في الجوارح الى العبودية، وتقاعس عن الترفع والأنانية، ويكون على بصيرة من أن المخلوق من التراب حقيق وخليق بالذل والمسكنة ليس الا. ولا توجد هذه الأسرار قط وقط في المنسوج من الصوف والديباح والحرير، وامثاله من وسائل الدعة والراحة، مما يري للانسان عظمة في نفسه، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه، ويكون له ترفعاً وتجبراً واستعلاءاً وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشوع. وها نحن نقدم الى القارئ جميع ما جاء في الصحاح الست، وغيرها من امهات المسانيد والسنن، من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله الواردة فيما يصح السجود عليه، ونمضي على ضوئها ونتخذها سنة متبعة، وطريقة حقه لا محيد عنها، وهي على ثلاثة أقسام.