العلم بأنه تعالى سميع بصير لا يعزب عن رؤيته هواجس الضمير وخفايا الوهم والتفكير ولا يشذ عن سمعه صوت دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء : وكيف لا يكون سميعا بصيرا والسمع والبصر كمال لا محالة وليس بنقص ؟ فكيف يكون المخلوق أكمل من الخالق والمصنوع أسنى وأتم من الصانع ؟ وكيف تعتدل القسمة مهما وقع النقص في جهته والكمال في خلقه وصنعته أو كيف تستقيم حجة إبراهيم A على أبيه إذ كان يعبد الأصنام جهلا وغيلا فقال له { لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } ولو انقلب ذلك عليه في معبوده لأضحت حجته داحضة ودلالته ساقطة ولم يصدق قوله تعالى { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه } وكما عقل كونه فاعلا بلا جارحة وعالما بلا قلب ودماغ فليعقل كونه بصيرا بلا حدقة وسميعا بلا أذن إذ لا فرق بينهما