@ 422 @ .
انتهى سؤاله وجوابه . وفي ذلك تخليط ، وذلك أنه لم يفرّق بين المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم ، وبين المنصوب على الاختصاص ، وجعل حكمهما واحداً ، وأورد مثالاً من المنصوب على المدح وهو : الحمد لله الحميد ، ومثالين في المنصوب على الاختصاص وهما : ( إنا معشر الأنبياء لا نورث ) . % ( إنا بني نهشل لا ندعى لأب والذي ذكر النحويون أن المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم قد يكون معرفة ، وقبله معرفة يصلح أن يكون تابعاً لها ، وقد لا يصلح ، وقد يكون نكرة كذلك ، وقد يكون نكرة وقبلها معرفة ، فلا يصلح أن يكون نعتاً لها نحو قول النابغة : % % ( أقارعُ عوفٍ لا أحاولُ غيرَها % .
وجوهَ قرودٍ يبتغي من يخادعُ .
) % .
فانتصب : وجوهَ قرودٍ ، على الذم . وقبله معرفة وهو قوله : أقارع عوف . .
وأما المنصوب على الاختصاص فنصبوا على أنه لا يكون نكرة ولا مبهماً ، ولا يكون إلاَّ معرفاً بالألف واللام ، أو بالإِضافة ، أو بالعلمية ، أو بأي ، ولا يكون إلاَّ بعد ضمير متكلم مختص به ، أو مشارك فيه ، وربما أتى بعد ضمير مخاطب . وأما انتصابه على أنه صفة للمنفي فقال الزمخشري . .
فإن قلت : هل يجوز أن يكون صفة للمنفي كأنه قيل : لا إله قائماً بالقسط إلا هو ؟ .
قلت : لا يبعد ، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف ، ثم قال : وهو أوجه من انتصابه عن فاعل : شهد ، وكذلك انتصابه على المدح . انتهى . وكان قد مثل في الفصل بين الصفة والموصوف بقوله : لا رجل إلاَّ عبد الله شجاعاً . ويعني أن انتصاب : قائماً ، على أنه صفة لقوله : إله ، أو لكونه انتصب على المدح أوجه من انتصابه على الحال من فاعل : شهد ، وهو الله . وهذا الذي ذكره لا يجوز ، لأنه فصل بين الصفة والموصوف بأجنبي ، وهو المعطوفان اللذان هما : الملائكة وأولو العلم ، وليسا معمولين من جملة { لاَ إِلَاهَ إِلاَّ اللَّهُ } بل هما معمولان : لشهد ، وهو نظير : عرف زيد أن هنداً خارجة وعمرو وجعفر ا لتميمية . فيفصل بين هنداً والتميمية بأجنبي ليس داخلاً فيما عمل فيها ، وفي خبرها بأجنبي وهما : عمرو وجعفر ، المرفوعان بعرف ، المعطوفان على زيد . .
وأما المثال الذي مثل به وهو : لا رجل إلاَّ عبد الله شجاعاً ، فليس نظير تخريجه في الآية ، لأن قولك : إلاَّ عبد الله ، يدل على الموضع من : لا رجل ، فهو تابع على الموضع ، فليس بأجنبي . على أن في جواز هذا التركيب نظراً ، لأنه بدل ، و : شجاعاً ، وصف ، والقاعدة أنه : إذا اجتمع البدل والوصف قدم الوصف على البدل ، وسبب ذلك أنه على نية تكرار العامل على المذهب الصحيح ، فصار من جملة أخرى على المذهب . .
وأما انتصابه على القطع فلا يجيء إلاَّ على مذهب الكوفيين ، وقد أبطله البصريون . .
والأولى من هذه الأقوال كلها أن يكون منصوباً على الحال من اسم الله ، والعامل فيه : شهد ، وهو قول الجمهور . .
وأما قراءة عبد الله : القائم بالقسط ، فرفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو القائم بالقسط . قال الزمخشري وغيره : إنه بدل من : هو ، ولا يجوز ذلك ، لأن فيه فصلاً بين البدل والمبدل منه بأجنبي . وهو المعطوفان ، لأنهما معمولان لغير العامل في المبدل منه ، ولو كان العامل في المعطوف هو العامل في المبدل منه لم يجز ذلك أيضاً ، لأنه إذا اجتمع العطف والبدل قدم البدل على العطف ، لو قلت جاء زيد وعائشة أخوك ، لم يجز . إنما الكلام : جاء زيد أخوك وعائشة .