@ 361 @ يجهل قدر المال فلا يمتنع من تبذيره ولا يرغب في تثميره . وقال ابن عباس : الجاهل بالاسلام . .
{ أَوْ ضَعِيفًا } قال ابن عباس : وابن جبير : إنه العاجز ، والأخرس ، ومن به حمق . وقال مجاهد ، والسدي : الأحمق . وذكر القاضي أبو يعلى ، وغيره : أنه الصغير . وقيل : المدخول العقل ، الناقص الفطرة . وقال الشيخ : الكبير ، وقال الطبري : العاجز عن الإملاء لعيّ أو لخرس . .
{ أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ } قال أبن عباس : لعي أو خرس أو غيبة ، وقيل : بجنون ، وقيل : بجهل بما له أو عليه . وقيل : لصغر . والذي يظهر تباين هؤلاء الثلاثة ، فمن زعم زيادة : أو ، في قوله : أو ضعيفاً ، أو زيادتها في هذا ، وفي قوله : أو لا يستطيع ، فقوله ساقط ، إذ : أو لا ، تزاد ، وأن السفه هو تبذير المال والجهل بالتصرف ، وأن الضعف هو في البدن لصغر أو إفراط شيخ ينقص معه التصرف ، وأن عدم استطاعته الإملاء لعي أو خرس ، لأن الإستطاعة هي القدرة على الإملاء . وهذا الشرح أكثره عن الزمخشري . .
وقال ابن عطية : ذكر تعالى ثلاثة أنواع تقع نوازلهم في كل زمان ، ويترتب الحق لهم في كل جهات سوى المعاملات : كالمواريث إذا قسمت . وغير ذلك . والسفيه المهلهل الرأي في المال الذي لا يحسن الأخذ والاعطاء ، وهذه الصفة لا تخلو من حجر ولي أو وصي ، وذلك وليه . والضعيف المدخول العقل الناقص الفطرة ، ووليه وصي أو أب ، والذي لا يستطيع أن يمل هو الغائب عن موضع الإشهاد إما لمرض أو لغير ذلك ، ووليه وكيله ، والأخرس من الضعفاء ، والأولى أنه ممن لا يستطيع ، وربما اجتمع اثنان أو الثلاثة في شخص . انتهى . وفيه بعض تلخيص ، وهو توكيد الضمير المستكن في : أن يملّ ، وفيه من الفصاحة ما لا يخفى ، لأن في التأكيد به رفع المجاز الذي كان يحتمله إسناد الفعل إلى الضمير ، والتنصيص على أنه غير مستطيع بنفسه . .
وقرىء شاذاً بإسكان هاء : هو ، وإن كان قد سبقها ما ينفصل ، إجراء للمنفصل مجرى المتصل بالواو والفاء واللام ، نحو : وهو ، فهو ، لهو . وهذا أشذ من قراءة من قرأ : ثم هو يوم القيامة ، لأن ثم شاركت في كونه للعطف ، وأنها لا يوقف عليها فيتم المعنى . .
{ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ } . الضمير في وليه عائد على أحد هؤلاء الثلاثة ، وهو الذي عليه الحق ، وتقدّم تفسير ابن عطية للولي . وقال الزمخشري : الذي يلي أمره من وصي إن كان سفيهاً أو صبياً ، أو وكيل إن كان غير مستطيع ، أو ترجمان يملّ عنه . وهو يصدّقه . وذهب الطبري إلى أن الضمير في وليه يعود على الحق ، فيكون الولي هو الذي له الحقّ . وروي ذلك عن ابن عباس والربيع . .
قال ابن عطية : ولا يصح عن ابن عباس ، وكيف تشهد البينة على شيء ويدخل مالا في ذمّة السفيه ، بإملاء الذي له الدين ، هذا شيء ليس في الشريعة . .
قال الراغب : لا يجوز أن يكون ولي الحق كما قال بعضهم ، لأن قوله لا يؤثر إذ هو مدّع . .
و : بالعدل ، متعلق بقوله : فليملل ، ويحتمل أن تكون الباء للحال ، وفي قوله : بالعدل ، حث على تحريه لصاحب الحق ، والمولى عليه ، وقد استدل بهذه الآية على جواز الحجر على الصغير ، واستدل بها على جواز تصرف السفيه ، وعلى قيام ولاية التصرفات له في نفسه وأمواله . .
{ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ } أي : اطلبوا للإشهاد شهيدين ، فيكون استفعل للطلب ، ويحتمل أن يكون موافقة أفعل أي : وأشهدوا ، نحو : استيقن موافق أيقن ، واستعجله بمعنى أعجله . ولفظ : شهيد ، للمبالغة ، وكأنهم أمروا بأن يستشهدوا من كثرت منه الشهادة ، فهو عالم بمواقع الشهادة وما يشهد فيه لتكرر ذلك منه ، فأمروا بطلب الأكمل ، وكان في ذلك إشارة إلى العدالة ، لأنه لا يتكرر ذلك من الشخص عند الحكام إلاَّ وهو مقبول عندهم . .
من رجالكم ، الخطاب للمؤمنين ، وهم المصدّر بهم الآية ، ففي قوله : من رجالكم ،