@ 359 @ الأسماء وانتصب بفعله نصب المفاعيل ، فرهنت رهناً كرهنت ثوباً . .
الإصر : الامر الغليظ الصعب ، والآصرة في اللغة : الأمر الرابط من ذمام ، أو قرابة ، أو عهد ، ونحوه . والإصار : الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها ، يقال : أصر يأصر أصراً ، والإصر ، بكسر الهمزة الاسم من ذلك ، وروي أُلاصر بضمها وقد قرىء به قال الشاعر : % ( يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم % .
والحامل الإصر عنهم بعدما عرقوا .
) % .
{ يُظْلَمُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ } قال ابن عباس : نزلت في السلم خاصة ، يعنى : أن سلم أهل المدينة كان السبب ، ثم هي تتناول جميع الديون بالإجماع . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما أمر بالنفقة في سبيل الله ، وبترك الربا ، وكلاهما يحصل به تنقيص المال ، نبه على طريق حلال في تنمية المال وزيادته ، وأكد في كيفية حفظه ، وبسط في هذه الآية وأمر فيها بعدة أوامر على ما سيأتي بيانه . .
وذكر قوله ؛ بدين ، ليعود الضمير عليه في قوله : فاكتبوه ، وإن كان مفهوماً من : تداينتم ، أو لإزالة اشتراك : تداين ، فإنه يقال ؛ تداينوا ، أي جازى بعضهم بعضاً ، فلما قال : بدين ، دل على غير هذا المعنى . أو للتأكيد ، أو ليدل على أي دين كان صغيراً أو كبيراً ، وعلى أي وجه كان من سلم أو بيع . .
{ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } ليس هذا الوصف احترازاً من أن الدين لا يكون إلى أجل مسمى ، بل لا يقع الدين إلاَّ إلى أجل مسمى ، فأما الآجال المجهولة فلا يجوز ، والمراد بالمسمى الموقت المعلوم ، نحو التوقيت بالنسبة والأشهر والأيام ، ولو قال : إلى الحصاد ، أو إلى الدياس ، أو رجوع الحاج ، لم يجز لعدم التسمية ، و : إلى أجل ، متعلق : بتداينتم ، أو في موضع الصفة لقوله : بدين ، فيتعلق بمحذوف . .
{ فَاكْتُبُوهُ } أمر تعالى بكتابته لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان ، وأبعد من الجحود . .
وظاهر الأمر الوجوب ، وقد قال بعض أهل العلم ، منهم الطبري ، وأهل الظاهر . وقال الجمهور : هو أمر ندب يحفظه له المال ، وتزال به الريبة ، وفي ذلك حث على الاعتراف به وحفظه ، فإن الكتاب خليفة اللسان ، واللسان خليفة القلب . .
وروي عن أبي سعيد الخدري ، وابن زيد ، والشعبي ، وابن جريج أنهم كانوا يرون أن قوله : { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا } ناسخ لقوله : { فَاكْتُبُوهُ } وقال الربيع وجب بقوله : فاكتبوه ، ثم خفف بقوله : فإن أمن . .
{ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ } وهذا الأمر قيل : على الوجوب على الكفاية كالجهاد ، قال عطاء ، وغيره : يجب على الكاتب أن يكتب على كل حال ، وقال الشعبي ، أيضاً : إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب ، وقال السدّي : هو واجب مع الفراغ . واختار الراغب أن الصحيح كون الكتابة فرضاً على الكفاية ، وقال : الكتابة فيما بين المتبايعين ، وإن لم تكن واجبة ، فقد تجب على الكتابة إذا أتوه ، كما أن الصلاة النافلة ، وإن لم تكن واجبة على فاعلها ، فقد يجب على العالم تبيينها إذا أتاه مستفت . .
ومعنى : بينكم ، أي : بين صاحب الدين والمستدين ، والبائع والمشترى ، والمقرض والمستقرض ، والتثنية تقتضي أن لا ينفرد أحد المتعاملين لأن يتهم في الكتابة ، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعاً على ما سطره الكاتب . .
ومعنى : بالعدل ، أي : بالحق والإنصاف بحيث لا يكون في قلبه ولا في قلمه ميل لأحدهما على الآخر . .
واختلف فيما يتعلق به : بالعدل ، فقال الزمخشري : بالعدل ، متعلق بكاتب صفة له ، أي : بكاتب مأمون على ما يكتب ، يكتب بالسوية والاحتياط ، لا يزيد على ما يجب أن يكتب ،