@ 354 @ .
{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } شكا بنو المغيرة العسرة وقالوا : أخرونا إلى أن تدرك الغلات ، فأبوا أن يؤخروا ، فنزلت . قيل : هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين ، وقيل : أمر به في صدر الإسلام ، فإن ثبت هذا فهو نسخ ، وإلا فليس بنسخ والعسرة ضيق الحال من جهة عدم المال ، ومنه : جيش العسرة ، والنظرة : التأخير ، والميسرة : اليسر . .
وقرأ الجمهور : ذو عسرة ، على أن : كان ، تامة ، وهو قول سيبوية ، وأبي علي ، وإن ورقع غريم من غرمائكم ذو عسرة ، وأجاز بعض الكوفيين أن تكون : كان ، ناقصة هنا . وقدّر الخبر : وإن كان من غرمائكم ذو عسرة فحذف المجرور الذي هو الخبر ، وقدر أيضاً : وإن ذو عسرة لكم عليه حق ، وحذف خبر كان لا يجوز عند أصحابنا ، لا إقتصاراً ولا اختصاراً لعلة ذكروها في النحو . .
وقرأ أبي ، وابن مسعود ، وعثمان ، وابن عباس : ذا عسرة . وقرأ الأعمش : معسراً . وحكى الداني عن أحمد بن موسى أنها كذلك في مصحف أبي علي إن في كان إسمها ضميراً تقديره : هو ، أي : الغريم ، يدل على إضماره ما تقدم من الكلام ، لأن المرابي لا بد له ممن يرابيه . .
وقرىء : ومن كان ذا عسرة ، وهي قراءة أبان بن عثمان . وحكى المهدوي أن في مصحف عثمان : فإن كان ، بالفاء ، فمن نصب ذا عسرة أو قرأ معسراً ، وذلك بعد : إن كان ، فقيل : يختص بأهل الربا . ومن رفع فهو عام في جميع من عليه دين وليس بلازم ، لأن الآية إنما سيقت في أهل الربا ، وفيهم نزلت . .
وقيل : ظاهر الآية يدل على أن الأصل الإيسار ، وأن العدم طارىء جاذب يحتاج إلى أن يثبت . .
{ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } قرأ الجمهور : فنِظرة ، على وزن نِبقة . وقرأ أبو رجاء ، ومجاهد ، والحسن ، والضحاك ، وقتادة : بسكون الظاء وهي لغة تميمية ، يقولون في : كبد كبد . وقرأ عطاء : فناظرة ، على وزن : فاعله وخرجه الزجاج على أنها مصدر كقوله تعالى : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } وكقوله : { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } وكقوله : { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الاْعْيُنِ } وقال : قرأ عطاء : فناظره ، بمعنى : فصاحب الحق ناظره ، أي : منتظره ، أو : صاحب نظرته ، على طريقة النسب ، كقولهم : مكان عاشب ، وباقل ، بمعنى : ذو عشب وذو بقل . وعنه : فناظره ، على الأمر بمعنى : فسامحه بالنظرة ، وباشره بها . إنتهى . ونقلها ابن عطية . وعن مجاهد : جعلاه أمراً ، والهاء ضمير الغريم . وقرأ عبد الله : فناظروه ، أي : فأنتم ناظروه . أي : فأنتم منتظروه . .
فهذه ست قراآت ، ومن جعله اسم مصدر أو مصدراً فهو يرتفع على أنه خبر مبتدأ