@ 352 @ الرِّبو ، بكسر الراء المشدّدة وضم الباء وسكون الواو ، وقد ذكرنا قراءته كذلك في قوله : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبَوااْ } وشيئاً من الكلام عليها . .
وقال أبو الفتح : شذ هذا الحرف في أمرين ، أحدهما : الخروج من الكسر إلى الضم بناءً لازماً ، والآخر : وقوع الواو بعد الضمة في آخر الأسم ، وهذا شيء لم يأت إلاَّ في الفعل ، نحو : يغزو ، ويدعو . .
وأماذو ، الطائية بمعنى : الذي فشاذة جداً ، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع ، فتقول : رأيت ذاقام . وجه القراءة أنه فخم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها على حد قولهم : الصلاة والزكاة وهي بالجملة قراءة شاذة . إنتهى كلام أبي الفتح . .
ويعني بقوله : بناءً لازماً ، أنه قد يكون ذلك عارضاً نحو : الحبك ، فكسرة الحاء ليست لازمة ، ومن قولهم الردؤ ، في الوقف ، فضمة الدال ليست لازمة ، ولذلك لم يوجد في أبنية كلامهم فعل لا في اسم ولا فعل ، وأما قوله : وهذا شيء لم يأت إلاَّ في الفعل ، نحو : يغزو ، فهذا كما ذكر إلاَّ أنه جاء ذلك في الأسماء الستة في حالة الرفع ، فله أن يقول : لما لم يكن ذلك لازماً في النصب والجر ، لم يكن ناقصاً لما ذكروا ، ونقول : إن الضمة التي فيما قبل الآخر إما هي للاتباع ، فليس ضمة تكون في أصل بنية الكلمة كضمة تغزو . .
{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } ظاهره : فإن لم تتركوا ما بقي من الربا ، وسمي الترك فعلاً ، وإذا أمروا بترك ما بقي من الربا من ذلك الأمر بترك إنشاء الربا على طريق الأولى والأحرى . وقال الرازي : فإن لم تكونوا معترفين بتحريمه فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، ومن ذهب إلى هذا قال : فيه دليل على أن من كفر بشريعة واحدة من شرائع الإسلام خرج من الملة كما لو كفر بجميعها . .
وقرأ حمزة ، وأبو بكر في غير رواية البرجمي ، وابن غالب عنه : فأذنوا ، أمر من : آذن الرباعي بمعنى : أعلم ، مثل قوله : { فَقُلْ ءاذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء } . .
وقرأ باقي السبعة : فأذنوا ، أمر من : أذن ، الثلاثي ، مثل قوله : { لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ } . .
وقرأ الحسن : فأيقنوا بحرب . .
والظاهر أن الخطاب في قوله : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ } هو لمن صدرت الآية بذكره ، وهم المؤمنون ، وقيل : الخطاب للكفار الذين يستحلون الربا ، فعلى هذا المحاربه ظاهرة ، وعلى الأول فالإعلام أو العلم بالحرب جاء على سبيل المبالغة في التهديد دون حقيقة الحرب ، كما جاء : ( من أهان لي ولياً فقد آذنني بالمحاربة ) . وقيل : المراد نفس الحرب . .
ونقول : الإصرار على الربا إن كان ممن يقدر عليه الإمام ، قبض عليه الإمام وعزره وحبسه إلى أن يظهر منه التوبة ، أو ممن لا يقدر عليه ، حاربه كما تحارب الفئة الباغية . .
وقال ابن عباس : من عامل بالربا يستتاب ، فإن تاب وإلاَّ ضربت عنقه . .
ويحمل قوله هذا على من يكون مستبيحاً للربا ، مصراً على ذلك ، ومعنى الآية : فإن لم تنتهوا حاربكم النبي صلى الله عليه وسلم ) . وقيل : المعنى : فأنتم حرب الله ورسوله ، أي : أعداء . والحرب داعية القتل ، وقالوا : حرب الله النار ، وحرب رسوله السيف . .
وروي عن ابن عباس أنه : ( يقال يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب . والباء في بحرب على قراءة القصر للإاصاق ، تقول : أذن بكذا ، أي : علم ، وكذلك قال ابن عباس وغيره : المعنى فاستيقنوا بحرب من الله . .
وقال الزمخشري : وهو من الأذن ، وهو الاستماع ، لأنه من طريق