@ 348 @ المصروع . إنتهى . .
وكان قد قدم في شرح المس أنه الجنون ، وهو الذي ذهب إليه في تعلق : من المس ، بقوله : لا يقومون ، ضعيف لوجهين : .
أحدهما : أنه قد شرح المس بالجنون ، وكان قد شرح أن قيامهم لا يكون إلاَّ في الآخرة ، وهناك ليس بهم جنون ولا مس ، ويبعد أن يكنى بالمس الذي هو الجنون عن أكل الربا في الدينا ، فيكون المعنى : لا يقومون يوم القيامة . أو من قبورهم من أجل أكل الربا إلاَّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان ، إذ لو أريد هذا المعنى لكان التصريح به أولى من الكناية عنه بلفظ المس ، إذ التصريح به أبلغ في الزجر والردع . .
والوجه الثاني : أن : ما ، بعد : إلاَّ ، لا يتعلق بما قبلها ، إلاَّ إن كان في حيز الاستثناء ، وهذا ليس في حيز الاستثناء ، ولذلك منعوا أن يتعلق { بِالْبَيّنَاتِ وَالزُّبُرِ } بقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } وان التقدير : ما أرسلنا بالبينات والزبر إلاَّ رجالاً . .
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ } الإشارة بذلك إلى ذلك القيام المخصوص بهم في الآخرة ، ويكون مبتدأ ، والمجرور الخبر ، أي : ذلك القيام كائن بسبب أنهم ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف تقديره : قيامهم ذلك إلاَّ أن في هذا الوجه فصلاً بين المصدر ومتعلقه الذي هو : بأنهم ، على أنه لا يبعد جواز ذلك لحذف المصدر ، فلم يظهر قبح بالفصل بالخبر ، وقدّره الزمخشري : ذلك العقاب بسبب أنهم ، والعقاب بسبب أنهم ، والعقاب هو ذلك القيام ، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى أكلهم الربا ، أي ذلك الأكل الذي استحلوه بسبب قولهم واعتقادهم أن البيع مثل الربا ، أي : مستندهم في ذلك التسوية عندهم بين الربا والبيع ، وشبهوا البيع وهو المجمع على جوازه بالربا وهو محرم ، ولم يعكسوا تنزيلاً لهذا الذي يفعلونه من الربا منزلة الأصل المماثل له البيع ، وهذا من عكس التشبيه ، وهو موجود في كلام العرب . قاله ذو الرمّة : .
ورمل كأروال العذارى قطعته .
وهو كثير في أشعار المولدين ، كما قال أبو القاسم بن هانيء : % ( كأن ضياء الشمس غرّة جعفر % .
رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفاً .
) % .
وكان أهل الجاهلية إذا حل دينه على غريمه طالبه ، فيقول : زدني في الأجل وأزيدك في المال ، فيفعلان ذلك ويقولان : سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح ، أو عند المحل لأجل التأخير ، فكذبهم الله تعالى . وقيل : كانت ثقيف أكثر العرب رباً ، فلما نهوا عنه قالوا : إنما هو مثل البيع . .
{ الرّبَوااْ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرّبَوااْ } . ظاهره أنه من كلام الله تعالى لا من كلامهم ، وفي ذلك ردّ عليهم إذ ساووا بينهما ، والحكم في الأشياء إنما هو إلى الله تعالى ، لا يعارض في حكمه ولا يخالف في أمره ، وفي هذه الآية دلالة على أن القياس في مقابلة النص لا يصح ، إذ جعل الدليل في إبطال قولهم هو : أن الله أحل البيع وحرم الربا . وقال بعض العلماء : قياسهم فاسد ، لأن البيع عوض ومعوض لا غبن فيه ، والربا فيه التغابن وأكل المال البطل ، لأن الزيادة لا مقابل لها من جنسها ، بخلاف البيع ، فإن الثمن مقابل بالمثمن . . .
قال جعفر الصادق : حرم الله الربا ليتقارض الناس ، وقيل : حرم لأنه متلف للأموال ، مهلك للناس . وقال بعضهم : يحتمل أن يكون : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرّبَوااْ } من كلامهم ، فكانوا قد عرفوا تحريم الله الربا فعارضوه بآرائهم ، فكان ذلك كفراً منهم . .
والظاهر : عموم البيع والربا في كل بيع ، وفي كل ربا ، إلاَّ ما خصه الدليل من تحريم بعض البيوع وإحلال بعض الربا ، وقيل : هما مجملان ، فلا يقدّم على تحليل بيع ولا تحريم ربا إلاَّ ببيان ، وهذا فرق ما بين العام والمجمل ، وقيل : هو عموم دخله التخصيص ، ومجمل دخله التفسير ، وتقاسيم البيع والربا وتفاصيلهما مذكور في كتب الفقه . .
والظاهر أن الآية كما قالوا في