@ 330 @ على هذا للوجوب . .
والظاهر من قول البراء بن عازب ، والحسن ، وقتادة : أنها في التطوع ، وهو الذي يدل عليه سبب النزول ندبوا إلى أن لا يتطوّعوا إلا بجيد مختار . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه لما ذكر فضل النفقة في سبيل الله وحث عليها ، وقبح المنة ونهى عنها ، ثم ذكر القصد فيها من الرياء وابتغاء رضا الله ، ذكر هنا وصف المنفق من المختار ، وسواء كان الأمر للوجوب أو للندب . .
والأكثرون على أن : { طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ } هو الجيد المختار ، وأن الخبيث هو الرديء . وقال ابن زيد : من طيبات ، أي : الحلال والخبيث الحرام ، وقال علي : هو الذهب والفضة . وقال مجاهد : هو أموال التجارة . .
قال ابن عطية قوله : { مِن طَيّبَاتِ } يحتمل أن لا يقصد به لا الحل ولا الجيد ، لكن يكون المعنى كأنه قال : أنفقوا مما كسبتم ، فهو حض على الإنفاق فقط ، ثم دخل ذكر الطيب تبييناً لصفة حسنه في المكسوب عاماً ، وتقريراً للنعمة . كما تقول : أطعمت فلاناً من مشبع الخبز ، وسقيته من مروي الماء ، والطيب على هذه الجهة يعم الجودة ، والحل ، ويؤيد هذا الاحتمال أن عبد الله بن مغفل قال : ليس في مال المؤمن من خبيث . إنتهى كلامه . .
وظاهر قوله : { مَّا كَسَبْتُم } عموم كل ما حصل بكسب من الإنسان المنفق ، وسعاية وتحصيل بتعب ببدن ، أو بمقاولة في تجارة . وقيل : هو ما استقر عليه الملك من حادث أو قديم ، فيدخل فيه المال الموروث لأنه مكسوب للموروث عنه . .
الضمير في كسبتم إنما هو لنوع الإنسان أو المؤمنين ، وهو الظاهر . .
وقال الراغب : تخصيص المكتسب دون الموروث لأن الإنسان بما يكتسبه أضن به مما يرثه ، فاذن الموروث معقول من فحواه . إنتهى . وهو حسن . .
و : مِنْ ، للتبعيض ، وهي في موضع المفعول ، و : ما ، في { مَّا كَسَبْتُم } موصولة والعائد محذوف ، وجوز أن تكون مصدرية ، فيحتاج أن يكون المصدر مؤولاً بالمفعول ، تقديره : من طيبات كسبكم ، أي : مكسوبكم . .
وظاهر الآية يدل على أن الأمر بالإنفاق عام في جميع أصناف الأموال الطيبة ، مجمل في المقدار الواجب فيها ، مفتقر إلى البيان بذكر المقادير ، فيصح الإحتجاج بها في إيجاب الحق فيما وقع الخلاف فيه ، نحو : أموال التجارة ، وصدقة الخيل ، وزكاة مال الصبي ، والحلي المباح اللبس غير المعد للتجارة ، والعروض ، والغنم ، والبقر المعلوفة ، والدين ، وغير ذلك مما اختلف فيه . .
وقال خويزمنداذ : في الآية دليل على بجواز أكل الوالد من مال الولد ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ) قال : ( أولادكم من طيب أكسابكم فكلوا من مال أولادكم هنيأً ) إنتهى . .
وروت عائشة عنه صلى الله عليه وسلم ) : ( أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ) . .
{ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الاْرْضِ } يعني من أنواع الحبوب والثمار والمعادن والركاز ، وفي قوله : أخرجنا لكم ، امتنان وتنبيه على الإحسان التام كقوله : { هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاْرْضِ جَمِيعاً } والمراد : من طيبات ما أخرجنا ، فحذف لدلالة ما قبله . وما بعده عليه ، وكرر حرف الجر على سبيل التوكيد ، أو إشعاراً بتقدير عامل آخر ، حتى يكون الأمر مرتين . .
وفي قوله : { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الاْرْضِ } دلالة على وجوب الزكاة فيما تخرجه الأرض من قليل وكثير من سائر الأصناف لعموم الآية ، إذ قلنا إن الأمر للوجوب ، وبين العلماء خلاف في مسائل كثيرة مما أخرجت الأرض تذكر في كتب الفقه . .
{ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ } هذا مؤكد للأمر ، إذ هو مفهوم من قوله : { أَنفِقُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ } وفي هذا طباق بذكر الطيبات والخبيث . .
وقرأ البزي : ولا تمموا ، بتشديد التاء ، أصله : تتيمموا ، فأدغم التاء في التاء ، وذلك في مواضع من القرآن ، وقد حصرتها في قصيدتي في القراءات المسماة ( عقدة اللآلىء ) وذلك في أبيات وهي : % ( تولوا بأنفال وهود هما معا % .
ونور وفي المحنه بهم قد توصلا .
) %