@ 298 @ وقال قتادة : هو أول من تجبر ، وهو صاحب الصرح ببابل . قيل : إنه ملك الدنيا بأجمعها ونفذت فيها طينته ، وقال مجاهد : ملك الأرض مؤمنان : سليمان وذو القرنين ، وكافران : نمروذ وبخت نصر . وقيل : هو نمروذ بن يجاريب بن كوش بن كنعان ابن سام بن نوح . وقيل : نمروذ بن فايخ بن عابر بن سايخ بن ارفخشده بن سام بن نوح . وحكى السهيلي أنه : النمروذ بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح ، وكان ملكاً على السودان ، وكان ملكه الضحاك الذي يعرف بالازدهاق ، واسمه اندراوست بن اندرشت ، وكان ملك الأقاليم كلها ، وهو الذي قتله أفريدون بن أهبان ، وفيه يقول أبو تمام حبيب في قصيد مدح به الأفشين ، وذكر أخذه بابك الخرّمي : % ( بل كان كالضحاك في فتكاته % .
بالعالمين ، وأنت أفريدون .
) % .
وهو أول من صلب وقطع الأيدي والأرجل ، وملك نمروذ أربعمائة عام فيما ذكروا : وله ابن يسمى نمروذاً الأصغر ملك عاماً واحداً . .
ومعنى : { حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِى رِبّهِ } أي : عارض حجته بمثلها ، أو : أتى على الحجة بما يبطلها ، أو : أظهر المغالبة في الحجة . ثلاثة أقوال . .
واختلفوا في وقت الحاجة ، فقيل : خرجوا إلى عيدٍ لهم ، فدخل ابراهيم على أصنامهم فكسرها ، فلما رجعوا قال : أتعبدون ما تنحتون ؟ فقال له : فمن تعبد ؟ قال : أعبد { رَبّيَ الَّذِى يُحْىِ } وقيل : كان نمروذ يحتكر ، فإذا احتاجوا اشتروا منه الطعام ، فإذا دخلوا عليه سجدوا له ، فلما دخل إبراهيم لم يسجد له ، فقال : مالك لم تسجد لي ؟ فقال : أنا لا أسجد إلا لربي فقال له نمروذ : من ربك ؟ قال : { إِبْراهِيمُ رَبّيَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ } . .
وفي قوله : إنه كان كلما جاء قوم قال من ربكم وإلهكم ؟ فيقولون : أنت ، فيقول : ميروهم وجاء ابراهيم يمتار ، فقال له : من ربك وإلهك ؟ فقال : { رَبّيَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ } . .
وقيل : كانت الحاجة بعد أن خرج من النار التي ألقاه فيها النمروذ ، وذكروا أنه لما لم يُمْرِهِ النمروذ ، مر على رمل أعفر ، فأخذ منه وأتى أهله ونام ، فوجدوه أجود طعام ، فصنعت منه وقربته له ، فقال : من أين هذا ؟ قالت من الطعام الذي جئت به فعرف أن الله رزقه ، فحمد الله . .
وقيل : مرّ على رملة حمراء ، فأخذ منها ، فوجدوها حنطة حمراء ، فكان إذا زرع منها جاء سنبله من أصلها إلى فرعها حباً متراكباً . .
في : ربه ، يحتمل أن يعود الضمير على ابراهيم ، وأن يعود على النمروذ ، والظاهر الأول . .
{ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ } الظاهر أن الضمير في : آتاه ، عائد على : الذي حاج ، وهو قول الجمهور ، و : أن آتاه ، مفعول من أجله على معنيين : أحدهما : أن الحامل له على المحاجة هو ايتاؤه الملك ، أبطره وأورثه الكبر ، والعتوّ ، فحاج لذلك . والثاني : أنه وضع المحاجة موضع ما وجب عليه من الشكر لله تعالى على ايتائه الملك ، كما تقول : عاداني فلان لأني أحسنت إليه ، تريد أنه عكس ما كان يجب عليه من الموالاة لأجل الإحسان . ومنه : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } وأجاز الزمخشري أن يكون التقدير : حاج وقت أن يكون التقدير : حاج وقت أن آتاه الله الملك ، فإن عنى أن ذلك على حذف مضاف ، فيمكن ذلك على أن فيه بعداً من جهة أن المحاجة لم تقع وقت أن آتاه الله الملك . إلاَّ أن يجوز في الوقت ، فلا يحمل على ما يقتضيه الظاهر من أنه وقت ابتداء ايتاء الله الملك له ، ألا ترى أن ايتاء الله الملك إياه سابق على الحاجة وإن عنى أن : أن والفعل ، وقعت موقع المصدر الواقع موقع ظرف الزمان ؟ كقولك : جئت خفوق النجم ، ومقدم الحاج ، وصياح الديك ؟ فلا يجوز ذلك ، لأن النحويين مضوا على أنه لا يقوم مقام ظرف الزمان إلا المصدر المصرح بلفظه ، فلا يجوز : أجىء أن يصيح الديك ، ولا جئت أن صاح الديك . وقال المهدوي : يحتمل أن يعود الضمير على إبراهيم : أي آتاه ملك النبوّة . قال ابن عطية : وهذا تحامل من التأويل . إنتهى . وما ذكره المهدوي