@ 282 @ وجبروت ، وهو يوصف به الواحد والجمع . ومذهب سيبويه أنه اسم مفرد كأنه أسم جنس يقع للكثير والقليل ، وزعم أبو العباس أنه جمع ، وزعم بعضهم أن التاء في طاغوت بدل من لام الكلمة ، ووزنه : فاعول . .
العروة : موضع الإمساك وشدّ الأيدي والتعلق ، والعروة شجرة تبقى على الجذب لأن الإبل تتعلق بها في الخصب مِن : عَرَوْتُهُ : ألممت به متعلقاً ، واعتراه ألم : تعلق به . .
الانفصام : الانقطاع ، وقيل الانكسار من غير بينونة ، والقصم بالقاف الكسر ببينونة ، وقد يجيء الفصم بالفاء في معنى البينونة . .
{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر اصطفاء طالوت على بني اسرائيل ، وتفضل داود عليهم بايتائه الملك والحكمة وتعليمه ، ثم خاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ) ، بأنه من المرسلين ، وكان ظاهر اللفظ يقتضى التسوية بين المرسلين ، بين بأن المرسلين متفاضلون أيضاً ، كما كان التفاضل بين غير المرسلين : كطالوت وبني اسرائيل . .
و : تلك ، مبتدأ وخبره : الرسل ، و : فضلنا ، جملة حالية ، وذو الحال : الرسل ، والعامل فيه إسم الإشارة . ويجوز أن يكون : الرسل ، صفة لاسم الإشارة ، أو عطف بيان ، وأشار بتلك التي للبعيد لبعد ما بينهم من الأزمان وبين النبي صلى الله عليه وسلم ) ، قيل الإشارة إلى الرسل الذين ذكروا في هذه السورة ، أو للرسل التي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، والأولى أن تكون إشارة إلى المرسلين في قوله : { وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } ولا يلزم من ذلك علمه صلى الله عليه وسلم ) بأعيانهم ، بل أخبر أنه من جملة المرسلين ، وأن المرسلين فضل الله بعضهم على بعض ، وأتى : بتلك ، التي للواحدة المؤنثة ، وإن كان المشار إليه جمعاً ، لأنه جمع تكسير ، وجمع التكسير حكمه حكم الواحدة المؤنثة في الوصف ، وفي عود الضمير ، وفي غير ذلك ، وكان جمع تكسير هنا لاختصار اللفظ ، ولإزالة قلق التكرار ، لأنه لو جاء : أولئك المرسلون فضلنا ، كان اللفظ فيه طول ، وكان فيه التكرار والالتفات في : نتلوها ، وفي : فضلنا ، لأنه خروج إلى متكلم من غائب ، إذ قبله ذكر لفظ : الله ، وهو لفظ غائب . .
والتضعيف في : فضلنا ، للتعدية ، و : على بعض ، متعلق بفضلنا ، قيل : والتفضيل بالفضائل بعد الفرائض أو الشرائع على غير ذي الشرائع ، أو بالخصائص كالكلام . .
وقال الزمخشري : { فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } لما أوجب ذلك من تفاضلهم في الحسنات . انتهى . وفيه دسيسه اعتزالية . .
ونص تعالى في هذه الآية على تفضيل بعض الأنبياء على بعض في الجملة دون تعيين مفضول . وهكذا جاء في الحديث : ( أنا سيد ولد آدم ) . وقال : ( لا تفضلوني على موسى ) وقال : ( لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى ) . .
{ مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ } قرأ الجمهور بالتشديد ورفع الجلالة ، والعائد على : من ، محذوف تقديره من كلمه وقرىء بنصب الجلالة والفاعل مستتر في : كلم ، يعود على : من ، ورفع الجلالة أتم في التفضيل من النصب ، إذ الرفع يدل على الحضور والخطاب منه تعالى للمتكلم ، والنصب يدل على الحضور دون الخطاب منه وقرأ أبو المتوكل ، وأبو نهشل ، وابن السميفع : كالم الله بالألف ونصب الجلالة من المكالمة ، وهي صدور الكلام من اثنين ، ومنه قيل : كليم الله أي ، مكالمه فعيل بمعنى مفاعل : كجليس وخليط . وذكر التفضيل بالكلام وهو من أشرف تفضيل حيث جعله محلاً لخطابه ومناجاته من غير سفير ، وتضافرت نصوص المفسرين هنا على أن المراد بالمكلم هنا هو موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) عن آدم : أنبي مرسل ؟ فقال : ( نعم نبي مكلم ) . وقد صح في حديث الإسراء حيث ارتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إلى مقام تأخر عنه فيه جبريل ، أنه جرت بينه صلى الله عليه وسلم ) وبين ربه تعالى مخاطبات ومحاورات ، فلا يبعد أن يدخل تحت قوله : { مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ اللَّهُ } : موسى وآدم ومحمد صلى الله عليه وسلم ) ، لأنه قد ثبت تكليم الله لهم . .
وفي قوله : { كَلَامَ اللَّهِ } إلفتات ، إذ هو خروج إلى ظاهر غائب من ضمير متكلم ، لما في ذكر هذا الاسم العظيم من التفخيم والتعظيم ، ولزوال قلق تكرار ضمير المتكلم ، إذ كأن يكون : فضلنا ، وكلمنا ، ورفعنا ، وآتينا . .
{ وَرَفَعَ بَعْضَهُم