@ 253 @ عظيم قدر الصلاة وتأكيد طلبها إذا لم تسقط بالخوف ، فلا تسقط بغيره من مرض وشغل ونحوه ، حتى المريض إذا لم يمكنه فعلها لزمه الإشارة بالعين عند أكثر العلماء ، وبهذا تميزت عن سائر العبادات لأنها كلها تسقط بالأعذار ويترخص فيها . .
{ فَإِذَا أَمِنتُمْ } قال مجاهد أي : خرجتم من السفر إلى دار الإقامة ، ورده الطبري ، قيل : ولا ينبغي رده لأنه شرح الأمن بمحل الأمن لأن الإنسان إذا رجع من سفره وحل دار اقامته أمن ، فكان السفر مظنة الخوف ، كما أن دار الإقامة محل الأمن . وقيل : معنى فإذا أمنتم أي : زال خوفكم الذي ألجاكم إلى هذة الصلاة . وقيل : فإذا كنتم آمنين ، أي : متى كنتم على أمن قبل أو بعد . . .
{ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ } بالشكر والعبادة { كَمَا عَلَّمَكُم } أي : أحسن إليكم بتعليمكم ما كنتم جاهليه من أمر الشرائع ، وكيف تصلون في حال الخوف وحال الأمَن . .
و : ما ، مصدرية ، و : الكاف ، للتشبيه . .
أمر أن يذكروا الله تعالى ذكراً يعادل ويوازي نعمة ما علمهم ، بحيث يجتهد الذاكر في تشبيه ذكره بالنعمة في القدر والكفاءة ، وإن لم يقدر على بلوغ ذلك . .
ومعنى : كما علمكم ، كما أنعم عليكم فعلمكم ، فعبر بالمسبب عن السبب ، لأن التعليم ناشيء عن إنعام الله على العبد وإحسانه له . .
وقد تكون الكاف للتعلي ، أي : فاذكروا الله لأجل تعليمه إياكم أي : يكون الحامل لكم على ذكره وشكره وعبادته تعليمه إياكم ، لأنه لا منحة أعظم من منحة العلم . .
{ مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } ما : مفعول ثان لعلمكم ، وفيه الامتنان بالتعليم على العبد ، وفي قوله : { مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } إفهام أنكم علمتم شيئاً لم تكونوا لتصلوا لإدراكه بعقولكم لولا أنه تعالى علمكموه ، أي : أنكم لو تركتم دون تعليم لم تكونوا لتعلموه أبدا . .
وحكى النقاش وغيره أن معنى : { فَاذْكُرُواْ اللَّهَ } أي صلوا الصلاة التي قد علمتموها ، أي : صلاة تامة بجميع شروطها وأركانها وتكون : ما ، في : { كَمَا عَلَّمَكُم } موصولة أي : فصلوا الصلاة كالصلاة التي علمكم ، وعبر بالذكر عن الصلاة والكاف إذ ذاك للتشبيه بين هيئتي الصلاتين : الصلاة التي كانت أولاً قبل الخوف ، والصلاة التي كانت بعد الخوف في حالة الأمن . .
قال ابن عطية : وعلى هذا التأويل : { مَّا لَمْ تَكُونُواْ } بدل من : ما ، التي في قوله : كما ، وإلاَّ لم يتسق لفظ الآية . انتهى . وهو تخريج يمكن ، وأحسن منه أن يكون بدلاً من الضمير المحذوف في علمكم العائد على ما ، إذ التقدير علمكموه ، أي : علمكم ما لم تكونوا تعلمون . .
وقد أجاز النحويون : جاءني الذي ضربت أخاك ، أي ضربته أخاك ، على البدل من الضمير المحذوف . .
2 ( { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لازْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِى مَا فَعَلْنَ فِيأَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ) ) 2 .
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا وَصِيَّةً لاّزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِى مَا } . .
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجًا وَصِيَّةً لاّزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ } الجمهور على أنها منسوخة بالآية المتقدمة المنصوص فيها على عدّة الوفاة أنها أربعة أشهر وعشر ، وقال مجاهد : هي محكمة ، والعدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشراً ، ثم جعل الله لهنّ وصية منه : سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة ، فإن شاءت سكنت في وصيتها ، وان شاءت خرجت . حكى ذلك عنه الطبري ، وهو قوله : { غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } . .
وقال ابن عطية : الألفاظ التي حكاها الطبري عن مجاهد لا تدل على أن الآية محكمة ، ولا نص مجاهد على ذلك ، وقال السدّي : كان