@ 193 @ الأشهر فليس بمول ، وكذلك كل ما يلزمه من حج أو طلاق أو عتق أو صلاة أو صدقة ، وخالف أبو حنيفة فيما إذا قال : إن وطئتك فعلىّ أن أصلي ركعتين أنه لا يكون مولياً . وقال محمد : يكون مولياً . .
وذكر بعض المفسرين هنا فروعاً كثيرة في الإيلاء ، وإنما نذكر نحن ماله بعض تعلق بالقرآن على عادتنا ، وليس التفسير موضوعاً لاستقراء جزئيات الفروع ، وظاهر قوله : للذين يؤلون ، حصول اليمين منهم ، سواء حلف أن لا يطأ في موضع معين ، أو مطلقاً ، وبه قال ابن أبي ليلى ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم ، والأوزاعي ، وأحمد : لا يكون مولياً من حلف أن لا يطأ زوجته في هذا البيت أو في هذه الدار فإن حلف أن لا يطأها في مصره أو بلده فهو مول عند مالك . .
ولا يدخل الذمي في قوله : { لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ } لقوله { فَانٍ * انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وبه قال مالك ، كما لا يصح ظهار . وقال أبو حنيفة إن حلف باسم من أسماء الله تعالى ، أو بصفة من صفاته ، أو حلف بما يصح منه كالطلاق ، فهو مول ؛ ولو استثنى المولي في يمينه فالجمهور على أنه لا يكون مولياً كسائر الأيمان المقرونة بالاستثناء ؛ وقال ابن القاسم ، عن مالك : يكون مولياً ، لكنه لو وطىء فلا كفارة عليه ، وقاله ابن الماجشون في ( المبسوط ) عن مالك : لا يكون مولياً . .
{ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } هذا من باب إضافة المصدر إلى ما هو ظرف زمان في الأصل ، لكنه اتسع فيه فصير مفعولاً به ، ولذلك صحت الإضافة إليه ، وكان الأصل : تربصهم أربعة أشهر ، وليست الإضافة إلى الظرف من غير اتساع ، فتكون الإضافة على تقدير : في ، خلافاً لمن ذهب إلى ذلك . .
وظاهر هذا ، أن ابتداء أجل الإيلاء من وقت حلف لا من وقت المخاصمة والرفع إلى الحاكم ، قيل : وحكمه ضرب أربعة أشهر ، لأنه غالب ما تصبر المرأة فيها عن الزوج ، وقصة عمر مشهور في سماع المرأة تنشد بالليل : % ( ألا طال هذا الليل واسود جانبه % .
وأرقني أن لا حبيب ألاعبه .
) % .
وسؤاله : كم تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقيل له : لا تصبر أكثر من أربعة أشهر . فجعل ذلك أمداً لكل سرية يبعثها . .
{ فَانٍ } أي : رجعوا بالوطء ، قاله ابن عباس ، والجمهور ، ويكفي من ذلك عند الجمهور مغيب الحشفة للقادر ، فإن كان له عذر أو مرض أو سجن أو شبه ذلك ، فارتجاعه صحيح ، وهي امرأته ، وإن زال عذره فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت ، قاله مالك في ( المدونة ) و ( المبسوط ) . وقال الحسن ، والنخعي ، وعكرمة ، والأوزاعي : يجزي المعذور أن يشهد على فيئتيه بقلبه ، وقال النخعي أيضاً : يصح الفيء بالقول ، والإشهاد فقط ، ويسقط حكم الإيلاء إذا رأيت أن لم ينتشر ، وقيل : الفيء هو الرضى ، وقيل : الرجوع باللسان بكل حال ، قاله أبو قلابة ، وإبراهيم ، ومن قال : إن المولي هو الحالف على مساءة زوجته ؛ وقال أحمد : إذا كان له عذر يفيء بقلبه ، وقال ابن جبير ، وابن المسيب ، وطائفة : الفيء لا يكون إلا بالجماع في حال القدرة وغيرها ، من سجن أو سفر أو مرض وغيره . .
وأمال : فاؤوا ، جرية بن عائذ لقوله : فئت ، وقرأ عبد الله فإن فاؤوا فيهنّ ، وقرأ أبي : فان فاؤوا فيها ، وروي عنه : فيهنّ ، كقراءة عبد الله . والضمير عائد على الأشهر ، ويؤيد هذه القراءة مذهب أبي حنيفة : بأن الفيئة لا تكون إلاَّ في الأشهر ، وإن لم يفيء فيها دخل عليه الطلاق من غير أن يوقف بعد مضي الأربعة الأشهر ، وإلى هذا ذهب : ابن مسعود ، وابن عباس ، وعثمان بن عفان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وجابر بن زيد ، والحسن ، ومسروق ؛ وقال عمر ، وعثمان ، وعلي أيضاً ، وأبو الدرداء ، وابن عمر ، وابن عامر وابن المسيب ،