@ 91 @ يسر من الهدي ، والهدي يشمل : البعير ، والبقرة ، والشاة ، ثم نهى عن حلق الرأس حتى يبلغ الهدي محله ، والذي جرت العادة به في الهدى أنه محله هو الحرم ، فخوطبوا بما كان سابقاً لهم علمه به ، ولما غيا الحلق بوقوع هذه الغاية من بلوغ الهدي محله ، وكان قد يعرض للإنسان ما يقتضى حلق رأسه لمرض أو أذى برأسه من قمل أو قرح أو غير ذلك ، فأوجب تعالى عليه بسبب ذلك فدية من صيام ، أو صدقة ، أو نسك . وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ما انبهم من هذا الإطلاق في هذه الثلاثة في حديث كعب بن عجرة على ما مر تفسيره ، واقتضى هذا التركيب التخيير بين هذه الثلاثة ، ثم ذكر تعالى أنهم إذا كانوا آمنين ، وتمتع أحدهم بالعمرة إلى وقت الإحرام بالحج فإنه يلزمه ما استيسر من الهدي ، وقد فسرنا ما استيسر من الهدي ، وأنه إذا لم يجد ذلك بتعذر ثمن الهدي ، أو فقدان الهدي ، فيلزمه صيام ثلاثة أيام في الحج ، أي : في زمن وقوع الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ووطنه . .
ثم أخبر أن هذه الأيام ، وإن اختلف زمان صيامها ، فمنها ما يصومه وهو ملتبس بهذه الطاعة الشريفة ، ومنها ما يصومه غير ملتبس بها ، لكن الجميع كامل في الثواب والأجر ، إذ هو ممثل ما أمر الله تعالى به ، فلا فرق في الثواب بين ما أمر بإيقاعه في الحج ، وما أمر بإيقاعه في غير الحج . .
ثم ذكر أن هذا التمتع ، ولازمه من الهدي أو الصوم ، هو مشروع لغير المكي ، ثم لما تقدّم منه تعالى في هذه الآيات أوامر ونواهي ، كرر الأمر بالتقوى ، وأعلم أنه تعالى شديد العقاب لمن خالف ما شرع تعالى . .
وجاءت هذه الآية شديدة الالتئام ، مستحكمة النظام ، منسوقاً بعضها على بعض ، ولا كنسق اللآلىء مشرقة الدلالة ولا كإشراق الشمس في برجها العالي . سامية في الفصاحة إلى أعالي الذرى ، معجزة أن يأتى بمثلها أحد من الوري . .
( { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ ياأُوْلِي الأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الاٌّ خِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاٌّ خِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَائِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } ) $ > 7 ! .
{ * الجدال } : فعال مصدر : جادل ، وهي المخاصمة الشديدة ، مشتق ذلك من الجدالة ، وهي الأرض . كان كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه ، فيكون كمن ضرب منه الجدالة ، ومنه قول الشاعر :