@ 45 @ للمقيمين المطيقين الصوم ، أي : خير لكم من الفطر والفدية ، أو للمريض والمسافر ، أي : خير لكم من الفطر والقضاء ، أو : لمن أبيح له الفطر من الجميع . أقوال ثلاثة . .
وأبعد من ذهب إلى أنه متعلق بأول الآية ، وهو { رَّحِيمٌ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ } أي : وأن تصوموا ذلك المكتوب خير لكم ، والظاهر الأول ، وفيه حض على الصوم . .
{ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } من ذوي العلم والتمييز ، ويجوز أن يحذف اختصاراً لدلالة الكلام عليه أي : ما شرعته وبينته لكم من أمردينكم ، أو فضل أعمالكم وثوابها ، أو كنى بالعلم عن الخشية أي : تخشون الله ، لأن العلم يقتضي خشيته { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } . .
{ شَهْرُ رَمَضَانَ } قرأ الجمهور برفع شهر ، وقرأه بالنصب مجاهد ، وشهر : دين حوشب وهارون الأعور : عن أبي عمرو ، وأبو عمارة : عن حفص عن عاصم . وإعراب شهر يتبين على المراد بقوله : { أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ } فإن كان المراد بها غير أيام رمضان فيكون رفع شهر على أنه مبتدأ ، وخبره قوله : { الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } ويكون ذكر هذه الجملة تقدمة لفرضية صومه بذكر فضيلته والتنبيه على أن هذا الشهر هو الذي أنزل فيه القرآن هو الذي يفرض عليكم صومه ، وجوزوا أن يكون : الذي أنزل ، صفة . إما للشهر فيكون مرفوعاً ، وإما لرمضان فيكون مجروراً . .
وخبر المبتدأ والجملة بعد الصفة من قوله : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ } وتكون الفاء في : فمن ، زائدة على مذهب أبي الحسن ، ولا تكون هي الداخلة في خبر المبتدأ إذا كان منها للشرط ، لأن شهر رمضان لا يشبه الشرط ، قالوا : ويجوز أن لا تكون الفاء زائدة ، بل دخلت هنا كما دخلت في خبر الذي ، ومثله : { قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ } وهذا الذي قالوه ليس بشيء ، لأن الذي ، صفة لعلم ، أو لمضاف لعلم ، فليس يتخيل فيه شيء ما من العموم ، ولمعنى الفعل الذي هو { أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } لفظاً ومعنى ، فليس كقوله قل : { إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ } لأن الموت هنا ليس معيناً ، بل فيه عموم . وصلة الذي مستقبلة ، وهي : تفرون ، وعلى القول ، بأن الجملة من قوله { فَمَن شَهِدَ } هي الخبر ، يكون العائد على المبتدأ تكرار المبتدأ بلفظه ، أي : { فمن شهده منكم فليصمه ، فأقام لفظ المبتدأ مقام الضمير ، وحصل به الربط كما في قوله : .
لا أرى الموت يسبق الموت شيء .
وذلك لتفخيمه وتعظيمه وإن كان المراد بقوله : { أياماً معدودات } أيام رمضان ، فجوزوا في إعراب شهر وجهين . .
أحدهما : أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو : شهر رمضان ، أي : المكتوب شهر رمضان ، قاله الأخفش ، وقدره الفراء : ذلكم شهر وهو قريب . .
الثاني : أن يكون بدلاً من قوله : الصيام أي : كتب عليكم شهر رمضان ، قاله الكسائي ، وفيه بعد لوجهين : أحدهما : كثرة الفضل بين البدل والمبدل منه ، والثاني : أنه لا يكون إذ ذاك إلاَّ مِن بدل الإشتمال ، لا وهو عكس بدل الاشتمال ، لأن بدل الاشتمال في الغالب يكون بالمصادر كقوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } وقول الأعشى :