@ 641 @ .
يريد : من صبه الله عليه ، وقال : % ( لعلّ الذي أصعدتني أن تردني % .
إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادر .
) % .
يريد : أصعدتني به . فعلى هذا القول يكون { مِن كُلّ دَابَّةٍ } في موضع المفعول ، ومن تبعيضية . وعلى مذهب الأخفش ، يجوز أن تكون زائدة ، وكل دابة هو نفس المفعول ، وعلى حذف الموصول يكون مفعول بث محذوفاً ، أي : وبثه ، وتكون من حالية ، أي : كائناً من كل دابة ، فهي تبعيضية ، أو لبيان الجنس عند من يرى ذلك . { وَتَصْرِيفِ الرّيَاحِ } في هبوبها قبولاً ودبوراً وجنوباً وشمالاً ، وفي أوصافها حارة وباردة ولينة وعاصفة وعقيماً ولواقح ونكباء ، وهي التي تأتي بين مهبي ريحين . وقيل : تارة بالرحمة ، وتارة بالعذاب . وقيل : تصريفها أن تأتي السفن الكبار بقدر ما يحملها ، والصغار كذلك ، ويصرف عنها ما يضر بها ، ولا اعتبار بكبر القلوع ولا صغرها ، فإنها لو جاءت جسداً واحداً لصدمت القلوع وأغرقت . .
وقد تكلموا في أنواع الريح واشتقاق أسمائها وفي طبائعها ، وفيما جاء فيها من الآثار ، وفيما قيل فيها من الشعر ، وليس ذلك من غرضنا . والريح جسم لطيف شفاف غير مرئي ، ومن آياته ما جعل الله فيه من القوة التي تقلع الأشجار وتعفي الآثار وتهدم الدياروتهلك الكفار ، وتربية الزرع وتنميته واشتداده بها ، وسوق السحاب إلى البلد الماحل . واختلف القراء في إفراد الرّيح وجمعه في أحد عشر موضعاً . هذا ، وفي الشريعة وفي الأعراف : { يُرْسِلُ الرّيَاحَ } ، و { اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ } ، و { أَرْسَلْنَا * الرّيَاحَ لَوَاقِحَ } ، و { تَذْرُوهُ الرّياحُ } ، وفي الفرقان : { أَرْسَلَ الرّيَاحَ } ، { وَمَن يُرْسِلُ الرّيَاحَ } ، وفي الروم : { اللَّهُ الَّذِى يُرْسِلُ الرّيَاحَ } ، وفي فاطر : { أَرْسَلَ الرّيَاحَ } ، وفي الشورى : { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ * الرّيَاحِ } . فأفرد حمزة إلا في الفرقان ، والكسائي إلا في الحجر ، وجمع نافع الجميع والعربيان إلافي إبراهيم والشورى ، وابن كثير في البقرة والحجر والكهف والشريعة فقط . وفي مصحف حفصة هنا وتصريف الأرواح . ولم يختلفوا في توحيد ما ليس فيه ألف ولام . وجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب ، إلا في يونس في قوله : { وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍ } . وفي الحديث : ( اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً ) . قال ابن عطية : لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد ، وريح الرحمة لينة منقطعة ، فلذلك هي رياح ، وهو معنى ينشر ، وأفردت مع الفلك ، لأن ريح أجزاء السفن إنما هي واحدة متصلة . ثم وصفت بالطيب فزال الاشتراك بينها وبين ريح العذاب ، انتهى . ومن قرأ بالتوحيد ، فإنه يريد الجنس ، فهو كقراءة الجمع . والرياح في موضع رفع ، فيكون تصريف مصدراً مضافاً للفاعل ، أي وتصريف الرياح ، السحاب أو غيره مما لها فيه تأثير بإذن الله . ويحتمل أن يكون في موضع نصب ، فيكون المصدر في المعنى مضافاً إلى الفاعل ، وفي اللفظ مضافاً إلى المفعول ، أي وتصريف الله الرياح . .
{ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ } ، تسخيره : بعثه من مكان إلى مكان . وقيل : تسخيره : ثبوته بين السماء والأرض بلا علاقة تمسكه . ووصف السحاب هنا بالمسخر ، وهو مفرد لأنه اسم جنس ، وفيه لغتان : التذكير : كهذا وكقوله : { أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } ، والتأنيث على معنى تأنيث الجمع ، فتارة يوصف بما يوصف به الواحدة المؤنثة ، وتارة يوصف بما يوصف به الجمع كقوله تعالى : { حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً } . قال كعب الأحبار : السحاب غربال المطر ، ولولا السحاب لأفسد المطر ما يقع عليه من الأرض . فقيل : السحاب يأخذ المطر من السماء ، وقيل : يغترفه من بحار الأرض ، وقيل : يخلقه الله فيه ، وللفلاسفة فيه أقوال . وجعل مسخراً باعتبار إمساكه الماء ، إذ الماء ثقيل ، فبقاؤه في جوّ الهواء هو على خلاف ما طبع عليه ، وتقديره بالمقدار المعلوم الذي فيه المصلحة ، يأتي به الله في وقت الحاجة ،