@ 636 @ ضارب زيد وعمراً : أنه على إضمار فعل : ويضرب عمراً . الثاني : أنه معطوف على لعنة الله على حذف مضاف ، أي لعنة الله ولعنة الملائكة ، فلما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعرابه نحو : { وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ } . الثالث : أن يكون مبتدأ حذف خبره لفهم المعنى ، أي والملائكة والناس أجمعون يلعنونهم . وظاهر قوله : والناس أجمعين العموم ، فقيل ذلك يكون في القيامة ، إذ يلعن بعضهم بعضاً ، ويلعنهم الله والملائكة والمؤمنون ، فصار عاماً ، وبه قال أبو العالية . وقيل : أراد بالناس من يعتد بلعنته ، وهم المؤمنون خاصة ، وبه قال ابن مسعود ، وقتادة ، والربيع ، ومقاتل . وقيل : الكافرون يلعنون أنفسهم من حيث لا يشعرون ، فيقولون : في الدنيا لعن الله الكافر ، فيتأتى العموم بهذا الاعتبار ، بدأ تعالى بنفسه ، وناهيك بذلك طرداً وإبعاداً . { قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مّن ذالِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ } ؟ من لعنه الله ، فلعنة الله هي التي تجر لعنة الملائكة والناس . ألا ترى إلى قول بعض الصحابة : وما لي لا ألعن من لعنه الله على لسان رسوله ؟ وكما روي عن أحمد ، أن ابنه سأله : هل يلعن ؟ وذكر شخصاً معيناً . فقال لابنه : يا بني ، هل رأيتني ألعن شيئاً قط ؟ ثم قال : وما لي لا ألعن من لعنه الله في كتابه ؟ قال فقلت : يا أبت ، وأين لعنة الله ؟ قال : قال تعالى : { أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } . ثم ثنى بالملائكة ، لما في النفوس من عظم شأنهم وعلو منزلتهم وطهارتهم . ثم ثلث بالناس ، لأنهم من جنسهم ، فهو شاق عليهم ، لأن مفاجأة المماثل من يدعي المماثلة بالمكروه أشق ، بخلاف صدور ذلك من الأعلى . .
{ خَالِدِينَ فِيهَا } : أي في اللعنة ، وهو الظاهر ، إذ لم يتقدم ما يعود عليها في اللفظ إلا اللعنة . وقيل : يعود على النار ، أضمرت لدلالة المعنى عليها ، ولكثرة ما جاء في القرآن من قوله : خالدين فيها ، وهو عائد على النار ، ولدلالة اللعنة على النار ، لأن كل من لعنة الله فهو في النار . { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } : سبق الكلام على مثل هاتين الجملتين تلو قوله { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا بِالاْخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ } ، الآية ، فأغنى عن إعادته هنا . إلا أن الجملة من قوله : { لاَ يُخَفَّفُ } هي في موضع نصب من الضمير المستكن في خالدين ، أي غير مخفف عنهم العذاب . فهي حال متداخلة ، أي حال من حال ، لأن خالدين حال من الضمير في عليهم . ومن أجاز تعدي العامل إلى حالين لذي حال واحد ، أجاز أن تكون الجملة من قوله : { لاَ يُخَفَّفُ } ، حال من الضمير في عليهم ، ويجوز أن تكون : لا يخفف جملة استئنافية ، فلا موضع لها من الإعراب . وفي آخر الجملة الثانية ، هناك : ولا ينصرون ، نفى عنهم النصر ، وهنا : ولا هم ينظرون ، نفي الأنظار ، وهو تأخير العذاب . .
{ وَإِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ واحِدٌ } الآية . روي عن ابن عباس أنها نزلت في كفار قريش ، قالوا : يا محمد ، صف وانسب لنا ربك ، فنزلت سورة الإخلاص وهذه الآية . وروي عنه أيضاً أنه كان في الكعبة ، وقيل حولها ، ثلاثمائة وستون صنماً يعبدونها من دون الله ، فنزلت . وظاهر الخطاب أنه لجميع المخلوقات المتصور منهم العبادة ، فهو إعلام لهم بوحدانية الله تعالى . ويحتمل أن يكون خطاباً لمن قال : صف لنا ربك وانسبه ، أو خطاباً لمن يعبد مع الله غيره من صنم ووثن ونار . وإله : خبر عن إلهكم ، وواحد : صفته ، وهو الخبر في المعنى لجواز الاستغناء عن إله ، ومنع الاقتصار عليه ، فهو شبيه بالحال الموطئة ، كقولك : مررت بزيد رجلاً صالحاً . والواحد المراد به نفي النظير ، أو القديم الذي لم يكن معه في الأزل