@ 605 @ وهو قوله : { مَّا تَبِعُواْ } ، ولذلك لم تدخله الفاء . وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، وهو منفي بما ماضي الفعل مستقبل . المعنى : أي ما يتبعون قبلتك ، لأن الشرط قيد في الجملة ، والشرط مستقبل ، فوجب أن يكون مضمون الجملة مستقبلاً ، ضرورة أن المستقبل لا يكون شرطاً في الماضي . ونظير هذا التركيب في المثبت قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } ، التقدير : ليظلنّ أوقع الماضي المقرون باللام جواباً للقسم المحذوف ، ولذلك دخلت عليه اللام موقع المستقبل ، فهو ماضٍ من حيث اللفظ ، مستقبل من حيث المعنى ، لأن الشرط قيد فيه ، كما ذكرنا . وجواب الشرط في الآيتين محذوف ، سد مسده جواب القسم ، ولذلك أتى فعل الشرط ماضياً في اللفظ ، لأنه إذا كان الجواب محذوفاً ، وجب مضي فعل الشرط لفظاً ، إلا في ضرورة الشعر ، فقد يأتي مضارعاً . وذهب الفرّاء إلى أن إن هنا بمعنى لو ، ولذلك كانت ما في الجواب ، فجعل ما تبعوا جواباً لإن ، لأن إن بمعنى لو ، فكما أن لو تجاب بما ، كذلك أجيبت إن التي بمعنى لو ، وإن كان إن إذا لم يكن بمعنى لو ، لم يكن جوابها مصدراً بما ، بل لا بد من الفاء . تقول : إن تزرني فما أزورك ، ولا يجوز : ما أزورك . وعلى هذا يكون جواب القسم محذوفاً لدلالة جواب إن عليه . وهذا الذي قاله الفرّاء هو بناء على مذهبه أن القسم إذا تقدّم على الشرط ، جاز أن يكون الجواب للشرط دون القسم . وليس هذا مذهب البصريين ، بل الجواب يكون للقسم بشرطه المذكور في النحو . واستعمال إن بمعنى لو قليل ، فلا ينبغي أن يحمل على ذلك ، إذا ساغ إقرارها على أصل وضعها . وقال ابن عطية : وجاء جواب لئن كجواب لو ، وهي ضدها في أن لو تطلب المضي والوقوع ، وإن تطلب الاستقبال ، لأنهما جميعاً يترتب قبلهما القسم . فالجواب إنما هو للقسم ، لأن أحد الحرفين يقع موقع الآخر ، هذا قول سيبويه . انتهى كلامه . .
وهذا الكلام فيه تثبيج وعدم نص على المراد ، لأن أوله يقتضي أن الجوب ل إن ، وقوله بعد : فالجواب إنما هو للقسم ، يدل على أن الجواب ليس ل إن ، والتعليل بعد بقوله ، لأن أحد الحرفين يقع موقع الآخر ، لا يصلح أن يعلل به قوله ؛ فالجواب إنما هو للقسم ، بل يصح أن يكون تعليلاً ، لأن الجواب ل إن ، وأجريت في ذلك مجرى لو . وأما قوله : هذا قول سيبويه ، فليس في كتاب سيبويه ، إلا أن ما تبعوا جواب القسم ، ووضع فيه الماضي موضع المستقبل . قال سيبويه : وقالوا لئن فعلت ما فعل ، يريد معنى ما هو فاعل وما يفعل . وقال أيضاً . وقال تعالى : { وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مّن بَعْدِهِ } : أي ما يمسكهما . وقال بعض الناس : كل واحدة من : لئن ولو ، تقوم مقام الأخرى ، ويجاب بما يجاب به ، ومنه : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ } ، لأن معناه : ولو أرسلنا ريحاً . وكذلك لو يجاب جواب لئن ، كقولك : لو أحسنت إليّ أحسن إليك ، هذا قول