@ 601 @ ظاهر ، وهي جارية مجرى التعليل لما قبلها ، أي للطف رأفته وسعة رحمته ، نقلكم من شرع إلى شرع أصلح لكم وأنفع في الدين ، أو لم يجعل لها مشقة على الذين هداهم ، أو لا يضيع إيمان من آمن ، وهذا الأخير أظهر . والألف واللام في بالناس يحتمل الجنس ، كما قال : { اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ } ، { وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء } ، { وَسِعْتَ كُلَّ شَىْء رَّحْمَةً وَعِلْماً } ، ويحتمل العهد ، فيكون المراد بالناس المؤمنين . وقرأ الحرميان وابن عامر وحفص : لرؤوف ، مهموزاً على وزن فعول حيث وقع ، قال الشاعر : % ( نطيع رسولنا ونطيع ربا % .
هو الرحمن كان بنا رؤفاً .
) % .
وقرأ باقي السبعة : لرؤف ، مهموزاً على وزن ندس ، قال الشاعر : % ( يرى للمسلمين عليه حقا % .
كحق الوالد الرؤف الرحيم .
) % .
وقال الوليد بن عقبة : % ( وشر الظالمين فلا تكنه % .
يقابل عمه الرؤوفُ الرحيمُ .
) % .
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : لروف ، بغير همزٍ ، وكذلك سهل كل همزة في كتاب الله ، ساكنة كانت أو متحركة . ولما كان نفي الجملة السابقة مبالغاً فيها من حيث لام الجحود ، ناسب إثبات الجملة الخاتمة مبالغاً فيها ، فبولغ فيها بأن وباللام وبالوزن على فعول وفعيل ، كل ذلك إشارة إلى سعة الرحمة وكثرة الرأفة . وتأخر الوصف بالرحمة لكونه فاصلة ، وتقدّم المجرور اعتناء بالمرؤوف بهم . وقال القشيري : من نظر الأمر بعين التفرقة ، كبر عليه أمر التحويل ؛ ومن نظر بعين الحقيقة ، ظهر لبصيرته وجه الصواب . { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } : أي من كان مع الله في جميع الأحوال على قلب واحد ، فالمختلفات من الأحوال له واحدة ، فسواء غير ، أو قرّر ، أو أثبت ، أو بدل ، أو حقق ، أو حوّل ، فهم به له في جميع الأحوال . قال قائلهم : % ( حيثما دارت الزجاجة درنا % .
يحسب الجاهلون أنا جننا .
) % .
{ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء } : تقدّم حديث البراء ، وتقدّم ذكر الخلاف في هذه الآية . وقوله : { سَيَقُولُ السُّفَهَاء } : أيهما نزل قبل ؟ ونرى هنا مضارع بمعنى الماضي ، وقد ذكر بعض النحويين أن مما يصرف المضارع إلى الماضي قد ، في بعض المواضع ، ومنه : { قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ } ، { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ } ، { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوّقِينَ مِنكُمْ } . وقال الشاعر :