@ 560 @ إلى واحد . ومن ذريتنا متعلق بأجعل المقدرة ، لأنه إن كان من باب عطف المفردات ، فهو مشترك في العامل الأول ، والعامل الأول ليس معناه على الخلق والإيجاد . وإن كان من باب عطف الجمل ، فلا يحذف إلا ما دل عليه المنطوق . والمنطوق ليس بمعنى الإيجاد ، فكذلك المحذوف . ألا تراهم قد منعوا في قوله تعالى : { هُوَ الَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَئِكَتُهُ } أن يكون التقدير : وملائكته يصلون ، لاختلاف مدلولي الصلاتين لأنهما من الله الرحمة ، ومن الملائكة الدعاء ، وتأولوا ذلك وحملوه على القدر المشترك بين الصلاتين لا على الحذف ؟ وأجاز أبو البقاء أن يكون المفعول الأول أمة ، ومن ذريتنا حال ، لأنه نعت نكرة تقدم عليها فانتصب على الحال ، ومسلمة المفعول الثاني ، وكان الأصل : اجعل أمة من ذريتنا مسلمة لك ، قال : فالواو داخلة في الأصل على أمة ، وقد فصل بينهما بقوله : من ذريتنا ، وهو جائز ، لأنه من جملة الكلام المعطوف بالظرف ، وجعلوا قوله : .
يوماً تراها كشبه أردية ال .
عصب ويوماً أديمها نغلا .
من الضرورات ، فالفصل بالحال أبعد من الفصل بالظرف ، فصار نظير : ضربت الرجل ، ومتجردة المرأة تريد : والمرأة متجردة ، وينبغي أن يختص جواز هذا بالضرورة . { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } : قال قتادة : معالم الحج . وقال عطاء وابن جريج : مذابحنا ، أي مواضع الذبح . وقيل : كل عبادة يتعبد بها الله تعالى . وقال تاج القراء الكرماني : إن كان المراد أعمال الحج ، وما يفعل في المواقف ، كالطواف ، والسعي ، والوقوف ، والصلاة ، فتكون المناسك جمع منسك : المصدر ، جمع لاختلافها . وإن كان أراد المواقف التي يقام فيها شرائع الحج ، كمنى ، وعرفة ، والمزدلفة ، فيكون جمع منسك وهو موضع العبادة . وروي عن علي أن إبراهيم لما فرغ من بناء البيت ودعا بهذه الدعوة ، بعث الله إليه جبريل عليه السلام ، فحج به . وفي قراءة ابن مسعود : وأرهم مناسكهم ، أعاد الضمير على الذرية ، ومعنى أرنا : أي بصرنا . إن كانت من رأي البصرية . والتعدي هنا إلى اثنين ظاهر ، لأنه منقول بالهمزة من المتعدي إلى واحد ، وإن كانت من رؤية القلب ، فالمنقول أنها تتعدى إلى اثنين ، نحو قوله : % ( وإنا لقوم ما نرى القتل سبة % .
إذا ما رأته عامر وسلول .
) % .
وقال الكميت : % ( بأي كتاب أم بأية سنة % .
ترى حبهم عاراً عليّ وتحسب .
) % .
فإذا دخلت عليها همزة النقل ، تعدت إلى ثلاثة ، وليس هنا إلا اثنان ، فوجب أن يعتقد أنها من رؤية العين . وقد جعلها الزمخشري من رؤية القلب ، وشرحها بقوله : عرف ، فهي عنده تأتي بمعنى عرّف ، أي تكون قلبية وتتعدى إلى واحد ، ثم أدخلت همزة النقل فتعدت إلى اثنين ، ويحتاج ذلك إلى سماع من كلام العرب . وحكى ابن عطية عن طائفة أنها من رؤية البصر ، وعن طائفة أنها من رؤية القلب . قال ابن عطية : وهو الأصح ويلزم قائله أن يتعدى الفعل منه إلى ثلاثة مفعولين ، وينفصل بأنه يوجد معدى بالهمزة من رؤية القلب ، كغير المعدى ، قال حطائط بن يعفر أخو الأسود :