@ 545 @ وتعزز لحم الناقة : اشتد . وعز يعز من النفاسة ، أي لا نظير له ، أو قل نظيره . الرغبة عن الشيء : الزهادة فيه ، والرغبة فيه : الإيثار له والاختيار له ، وأصل الرغبة : الطلب . الاصطفاء : الانتجاب والاختيار ، وهو افتعال من الصفو ، وهو الخالص من الكدر والشوائب ، أبدلت من تائه طاء ، كان ثلاثيه لازماً . صفا الشيء يصفو ، وجاء الافتعال منه متعدياً ، ومعنى الافتعال هنا : التخير ، وهو أحد المعاني التي جاءت لافتعل . .
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى } : مناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه لما جرى ذكر الكعبة والقبلة ، وأن اليهود عيروا المؤمنين بتوجههم إلى الكعبة وترك بيت المقدس ، كما قال : { مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ } ، ذكر حديث إبراهيم وما ابتلاه به الله ، واستطرد إلى ذكر البيت وكيفية بنائه ، وأنهم لما كانوا من نسل إبراهيم ، كان ينبغي أن يكونوا أكثر الناس اتباعاً لشرعه ، واقتفاء لآثاره . فكان تعظيم البيت لازماً لهم ، فنبه الله بذلك على سوء اعتمادهم ، وكثرة مخالفتهم ، وخروجهم عن سنن من ينبغي اتباعه من آبائهم ، وأنهم ، وإن كانوا من نسله ، لا ينالون لظلمهم شيئاً من عهده ، وإذ العامل فيه على ما ذكروا محذوف ، وقدروه اذكر ، أي اذكرا إذ ابتلي إبراهيم ، فيكون مفعولاً به ، أو إذ ابتلاه كان كيت وكيت . وقد تقدم الكلام في ذلك عند قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ } ، والاختيار أن يكون العامل فيه ملفوظاً به ، وهو { قَالَ إِنّى جَاعِلُكَ } . والابتلاء : الاختبار ، ومعناه أنه كلفه بأوامر ونواه . والباري تعالى عالم بما يكون منه . وقيل : معناه أمر . قال الزمخشري : واختبار الله عبده مجاز عن تمكينه من اخيتار أحد الأمرين : ما يريد الله ، وما يشتهيه العبد ، كأنه امتحنه ما يكون منه حتى يجازيه على حسب ذلك . انتهى كلامه ، وفيه دسيسة الاعتزال . وفي ري الظمآن الابتلاء : إظهار الفعل ، والاختبار : طلب الخبر ، وهما متلازمان . .
وابراهيم هنا ، وفي جميع القرآن هو الجد الحادي والثلاثون لنبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وهو خليل الله ، ابن تارح بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر ، وهو هود النبي عليه السلام ، ومولده بأرض الأهواز . وقيل : بكوثي ، وقيل : ببابل ، وقيل : بنجران ، ونقله أبوه إلى بابل أرض نمروذ بن كنعان . وقد تقدّم ذكر اللغات الست في لفظه . وقرأ الجمهور : إبراهيم بالألف والياء . وقرأ ابن عامر بخلاف عن ابن ذكوان في البقرة بألفين . زاد هشام أنه قرأ كذلك في : ابراهيم ، والنحل ، ومريم ، والشورى ، والذاريات ، والنجم ، والحديد ، وأول الممتحنة ، وثلاث آخر النساء ، وأخرى التوبة ، وآخر الأنعام ، والعنكبوت . وقرأ المفضل : ابراهام بألفين ، إلا في المودة والأعلى . وقرأ ابن الزبير : ابراهام ، وقرأ أبو بكرة : إبراهم بألف وحذف الياء وكسر الهاء . وقرأ الجمهور : بنصب إبراهيم ورفع ربه . وقرأ ابن عباس ، وأبو الشعثاء ، وأبو حنيفة : برفع إبراهيم ونصب ربه . فقراءة الجمهور على أن الفاعل هو الرب ، وتقدم معنى ابتلائه إياه . قال ابن عطية : وقدم المفعول للاهتمام بمن وقع الابتلاء ، إذ معلوم أن الله تعالى هو المبتلي . وإيصال ضمير المفعول بالفاعل موجب لتقديم المفعول . انتهى كلامه ، وفيه بعض تلخيص . وكونه مما يجب فيه تقديم الفاعل هو قول الجمهور . وقد جاء في كلام العرب مثل : ضرب غلامه زيداً ، وقال : وقاس عليه بعض النحويين ، وتأول بعضه الجمهور ، أو حمله على الشذوذ . وقد طول الزمخشرى في هذه المسألة بما يوقف عليه من كلامه في الكشاف ، وليست من المسائل التي يطوّل فيها لشهرتها في العربية . وقرأ ابن عباس : معناها أنه دعا ربه بكلمات من