@ 523 @ الأول . وقال الزمخشري : أي مثل ذلك الذي سمعت على ذلك المنهاج . قال : الجهلة الذين لا علم عندهم ولا كتاب ، كعبدة الأصنام ، والمعطلة ونحوهم قالوا : لكل أهل دين ليسوا على شيء ، وهو توبيخ عظيم لهم ، حيث نظموا أنفسهم مع علمهم في سلك من لا يعلم . والظاهر أن الكاف من كذلك في محل نصب ، إما على أنها نعت لمصدر محذوف تقديره : قولاً مثل ذلك القول ، { قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } ، أو على أنه منصوب على الحال من المصدر المعرفة المضمر الدال عليه قال ، التقدير : مثل ذلك القول قاله ، أي قال القول الذين لا يعلمون ، وهذا على رأي سيبويه . وعلى الوجهين تنتصب الكاف بقال ، وانتصب على هذين التقديرين مثل قولهم على البدل من موضع الكاف . وقيل : ينتصب مثل قولهم على أنه مفعول بيعلمون ، أي الذين لا يعلمون مثل مقالة اليهود والنصارى ، قالوا : مثل : مقالتهم ، أي توافق الذين لا يعلمون مقالات النصارى ، واليهود مع اليهود والنصارى في ذلك ، أن من جهل قول اليهود والنصارى وافقهم في مثل ذلك القول . وجوّزوا أن تكون الكاف في موضع رفع بالابتداء ، والجملة بعده خبر ، والعائد محذوف تقديره : مثل ذلك قاله الذين . ولا يجوز لقال أن ينصب مثل قولهم نصب المفعول ، لأن قال قد أخذ مفعوله ، وهو الضمير المحذوف العائد على المبتدأ ، فينتصب إذ ذاك مثل قولهم على أنه صفة لمصدر محذوف ، أو على أنه مفعول ليعلمون ، أي مثل قولهم يعني اليهود والنصارى . قال الذين لا يعلمون اعتقاد اليهود والنصارى . انتهى ما قالوه في هذا الوجه ، وهو ضعيف لاستعمال الكاف اسماً ، وذلك عندنا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر ، مع أنه قد تؤوّل ما ورد من ذلك وأجاز ذلك ، أعني أن تكون اسماً في الكلام ، ويحذف الضمير العائد على المبتدأ المنصوب بالفعل ، الذي لو قدر خلوه من ذلك الضمير لتسلط على الظاهر قبله فنصبه ، وذلك نحو : زيد ضربته . نص أصحابنا على أن هذا الضمير لا يجوز حذفه إلا في الشعر ، وأنشدوا : % ( وخالد يحمد ساداتنا % .
بالحق لا يحمد بالباطل .
) % .
أي : يحمده ساداتنا . وعن بعض الكوفيين في جواز حذف نحو : هذا الضمير تفصيل مذكور في النحو . .
{ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } : أي يفصل ، والفصل : الحكم ، أو يريهم من يدخل الجنة عياناً ، ومن يدخل النار عياناً ، قاله الزجاج ، أو يكذبهم جميعاً ويدخلهم النار ، أو يثيب من كان على حق ، ويعذب من كان على باطل . وكلها أقوال متقاربة . والظرفان والجار الأول معمولان ليحكم ، وفيه متعلق بيختلفون . .
وقد تضمنت هذه الآيات الشريفة أشياء منها : افتتاحها بحسن النداء ، وإثبات وصف الإيمان لهم ، وتنبيههم على تعلم أدب من آداب الشريعة ، بأن نهوا عن قول لفظ لإيهام مّا إلى لفظ أنص في المقصود ، وأصرح في المطلوب . ثم ذكر ما للمخالف من العذاب الذي يذله ويهينه . ثم نبه على أن هذا الذي أمرتم به هو خير ، وأن الكفار لا يودّون أن ينزل عليكم شيء من الخير . ثم ذكر أن ذلك ليس راجعاً لشهواتهم ، ولا لتمنيهم ، بل ذلك أمر إلهي يختص به من يشاء ، وأنه تعالى هو صاحب الفضل الواسع . ولما كان صدر الآية فيه انتقال من لفظ إلى لفظ ، وأن الثاني صار أنص في المقصود بين أن ما يفعله الله تعالى من النسخ ، فإنما ذلك لحكمة منه ، فيأتي بأفضل مما نسخ أو بما ماثله . وإن من كان قادراً على كل شيء ، فله التصرّف بما يريد من نسخ وغيره . ونبه المخاطب على علمه بقدرة الله تعالى ، وبملكه الشامل لسائر