@ 518 @ بذل الطعام للمسكين . جعل علم التكذيب بالجزاء ، منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف ، انتهى . وقرأ الجمهور : { يَدُعُّ } بضم الدال وشد العين ؛ وعليّ والحسن وأبو رجاء واليماني : بفتح الدال وخف العين ، أي يتركه بمعنى لا يحسن إليه وبجفوه . وقرأ الجمهور : { وَلاَ يَحُضُّ } مضارع حض ؛ وزيد بن علي : يحاض مضارع حاضضت . وقال ابن عباس : { بِالدّينِ } : بحكم الله . وقال مجاهد : بالحساب ، وقيل : بالجزاء ، وقيل : بالقرآن . وقال إبراهيم ابن عرفة : { يَدُعُّ الْيَتِيمَ } : يدفعه عن حقه . وقال مجاهد : يدفعه عن حقه ولا يطعمه ، وفي قوله : { وَلاَ يَحُضُّ } إشارة إلى أنه هو لا يطعم إذا قدره ، وهذا من باب الأولى ، لأنه إذا لم يحض غيره بخلاً ، فلان يترك هو ذلك فعلاً أولى وأحرى ، وفي إضافة طعام إلى المسكين دليل على أنه يستحقه . .
ولما ذكر أولاً عمود الكفر ، وهو التكذيب بالدين ، ذكر ما يترتب عليه مما يتعلق بالخالق ، وهو عبادته بالصلاة ، فقال : { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } . والظاهر أن المصلين هم غير المذكور . وقيل : هو داع اليتيم غير الحاض ، وأن كلاً من الأوصاف الذميمة ناشىء عن التكذيب بالدين ، فالمصلون هنا ، والله أعلم ، هم المنافقون ، ثبت لهم الصلاة ، وهي الهيئات التي يفعلونها . ثم قال : { الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } ، نظراً إلى أنهم لا يوقعونها ، كما يوقعها المسلم من اعتقاد وجوبها والتقرب بها إلى الله تعالى . وفي الحديث عن صلاتهم ساهون : ( يؤخرونها عن وقتها تهاوناً بها ) . قال مجاهد : تأخير ترك وإهمال . وقال إبراهيم : هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا ملتفتاً . وقال قتادة : هو الترك لها ، أو هم الغافلون الذين لا يبالي أحدهم أصلى أم لم يصل . وقال قطرب : هو الذي لا يقر ولا يذكر الله تعالى . وقال ابن عباس : المنافقون يتركون الصلاة سراً ويفعلونها علانية ، { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } ، ويدل على أنها في المنافقين قوله تعالى : { الَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } ، وقاله ابن وهب عن مالك . قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم لكانت في المؤمنين . وقال عطاء : الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم . .
وقال الزمخشري : بعد أن قدم فيما نقلناه من كلامه ما يدل على أن { فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ } في موضع رفع ، قال : وطريقة أخرى أن يكون { فَذَلِكَ } عطفاً على { الَّذِى يُكَذّبُ } ، إما عطف ذات على ذات ، أو عطف صفة على صفة ، ويكون جواب { أَرَأَيْتَ } محذوفاً لدلالة ما بعده عليه ، كأن قال : أخبرني وما تقول فيمن يكذب بالجزاء ، وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين ، أنعم ما يصنع ؟ ثم قال : { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } : أي إذا علم أنه مسيء ، { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم لأنهم كانوا مع التكذيب ، وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين غير مزكين أموالهم . فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام ضمير { الَّذِى يُكَذّبُ } ، وهو واحد ؟ قلت : معناه الجمع ، لأن المراد به الجنس ، انتهى . فجعل فذلك في موضع نصب عطفاً على المفعول ، وهو تركيب غريب ، كقولك : أكرمت الذي يزورنا فذلك الذي يحسن إلينا ، فالمتبادر إلى الذهن أن فذلك مرفوع بالابتداء ، وعلى تقدير النصب يكون التقدير : أكرمت الذي يزورنا فأكرمت ذلك الذي يحسن إلينا . فاسم الإشارة في هذا التقدير غير متمكن تمكن ما هو فصيح ، إذ لا حاجة إلى أن يشار إلى الذي يزورنا ، بل الفصيح أكرمت الذي يزورنا فالذي يحسن إلينا ، أو أكرمت الذي يزورنا فيحسن إلينا . وأما قوله : إما عطف ذات على ذات فلا يصح ، لأن فذلك إشارة إلى الذي يكذب ، فليسا بذاتين ، لأن المشار إليه بقوله : { فَذَلِكَ } هو واحد . وأما قوله : ويكون جواب { أَرَأَيْتَ } محذوفاً ، فلا يسمى جواباً ، بل هو في موضع المفعول الثاني لأرأيت . وأما قوله : أنعم ما يصنع ، فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على نعم ولا بئس ، لأنهما إنشاء ، والاستفهام لا يدخل إلى على الخبر . وأما وضعه المصلين موضع الضمير ، وأن المصلين جمع ، لأن ضمير الذي يكذب معناه الجمع ، فتكلف واضح ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلا على ما اقتضاه ظاهر التركيب ، وهكذا عادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة . وتقدّم الكلام في الرياء في سورة البقرة . .
وقرأ الجمهور :