@ 506 @ هذا من العلم اللدني علم الخضر ، حتى أن من ينتمي إلى العلم لما رأى رواج هذه الطائفة سلك مسلكهم ونقل كثيراً من حكاياتهم ومزج ذلك بيسير من العلم طلباً للمال والجاه وتقبيل اليد ؛ ونحن نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لطاعته . .
وقرأ الجمهور : ألهاكم على الخبر ؛ وابن عباس وعائشة ومعاية وأبو عمروان الجوني وأبو صالح ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة : بالمد على الاستفهام ، وقد روي كذلك عن الكلبي ويعقوب ، وعن أبي بكر الصديق وابن عباس أيضاً والشعبي وأبي العالية وابن أبي عبلة والكسائي في رواية : أألهاكم بهمزتين ، ومعنى الاستفهام : التوبيخ والتقرير على قبح فعلهم ؛ والجمهور : على أن التكرير توكيد . قال الزمخشري : والتكرير تأكيد للرع والإنذار ؛ وثم دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول وأشد ، كما تقول للمنصوح : أقول لك ثم أقول لك لا تفعل ، والمعنى : سوف تعلمون الخطاب فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله تعالى . .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * فِى الْقُبُورِ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } في البعث : غاير بينهما بحسب التعلق ، وتبقى ثم على بابها من المهلة في الزمان . وقال الضحاك : الزجر الأول ووعيده للكافرين ، والثاني للمؤمنين . { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ } : أي ما بين أيديكم مما تقدمون عليه ، { عِلْمَ الْيَقِينِ } : أي كعلم ما تستيقنونه من الأمور لما ألهاكم التكاثر أو العلم اليقين ، فأضاف الموصوف إلى صفته وحذف الجواب لدلالة ما قبله عليه وهو { أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ } . وقيل : اليقين هنا الموت . وقال قتادة : البعث ، لأنه إذا جاء زال الشك . ثم قال : { لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ } : والظاهر أن هذه الرؤية هي رؤية الورود ، كما قال تعالى : { وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } ، ولا تكون رؤية عند الدخول ، فيكون الخطاب للكفار لأنه قال بعد ذلك : { ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } . .
{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ } : تأكيد للجملة التي قبلها ، وزاد التوكيد بقوله : { عَيْنَ الْيَقِينِ } نفياً لتوهم المجاز في الرؤية الأولى . وعن ابن عباس : هو خطاب للمشركين ، فالرؤية رؤية دخول . وقرأ ابن عامر والكسائي : لترون بضم التاء ؛ وباقي السبعة : بالفتح ، وعليّ وابن كثير في رواية ، وعاصم في رواية : بفتحها في { لَتَرَوُنَّ } ، وضمها في { لَتَرَوُنَّهَا } ، ومجاهد والأشهب وابن أبي عبلة : بضمها . وروي عن الحسن وأبي عمرو بخلاف عنهما أنهما همز الواوين ، استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا كما همزوا في وقتت ، وكان القياس أن لا تهمز ، لأنها حركة عارضة لالتقاء الساكنين فلا يعتد بها . لكنها لما تمكنت من الكلمة بحيث لا تزول أشبهت الحركة الأصلية فهمزوا ، وقد همزوا من الحركة العارضة ما يزول في الوقف نحو استرؤا الصلاة ، فهمز هذه أولى . .
{ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } : الظاهر العموم في النعيم ، وهو كل ما يتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب ، فالمؤمن يسأل سؤال إكرام وتشريف ، والكافر سؤال توبيخ وتقريع . وعن ابن مسعود والشعبي وسفيان ومجاهد : هو الأمن والصحة . وعن ابن عباس : البدن والحواس فيم استعملها . وعن ابن جبير : كل ما يتلذذ به . وفي الحديث : ( بيت يكنك وخرقة تواريك وكسرة تشد قلبك وما سوى ذلك فهو نعيم ) . .