@ 489 @ .
انتهى . من كلام الزمخشري . ومن غريب ما رأينا تسمية النصارى بهذه الصفة التي هي صفة لله تعالى : الأكرم ، والرشيد ، وفخر السعداء ، وسعيد السعداء ، والشيخ الرشيد ، فيا لها مخزية على من يدعوهم بها . يجدون عقباها يوم عرض الأقوال والأفعال ، ومفعولا علم محذوفان ، إذ المقصود إسناد التعليم إلى الله تعالى . وقدر بعضهم { الَّذِى عَلَّمَكُمُ } الخط ، { بِالْقَلَمِ } : وهي قراءة تعزى لابن الزبير ، وهي عندي على سبيل التفسير ، لا على أنها قرآن لمخالفتها سواد المصحف . والظاهر أن المعلم كل من كتب بالقلم . وقال الضحاك : إدريس ، وقيل : آدم لأنه أول من كتب . والإنسان في قوله : { عَلَّمَ الإِنسَانَ } ، الظاهر أنه اسم الجنس ، عدد عليه اكتساب العلوم بعد الجهل بها . وقيل : الرسول عليه الصلاة والسلام . .
{ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى } : نزلت بعد مدة في أبي جهل ، ناصب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) العداوة ، ونهاه عن الصلاة في المسجد ؛ فروي أنه قال : لئن رأيت محمداً يسجد عند الكعبة لأطأن على عنقه . فيروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رد عليه وانتهره وتوعده ، فقال أبو جهل : أيتوعدني محمد والله ما بالوادي أعظم نادياً مني . ويروى أنه همّ أن يمنعه من الصلاة ، فكف عنه . { كَلاَّ } : ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه ، وإن لم يتقدم ذكره لدلالة الكلام عليه ، { إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى } : أي يجاوز الحد ، { أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى } : الفاعل ضمير الإنسان ، وضمير المفعول عائد عليه أيضاً ، ورأى هنا من رؤية القلب ، يجوز أن يتحد فيها الضميران متصلين فتقول : رأيتني صديقك ، وفقد وعدم بخلاف غيرها ، فلا يجوز : زيد ضربه ، وهما ضميرا زيد . وقرأ الجمهور : { أَن رَّءاهُ } بألف بعد الهمزة ، وهي لام الفعل ؛ وقيل : بخلاف عنه بحذف الألف ، وهي رواية ابن مجاهد عنه ، قال : وهو غلط لا يجوز ، وينبغي أن لا يغلطه ، بل يتطلب له وجهاً ، وقد حذفت الألف في نحو من هذا ، قال : .
وصاني العجاج فيما وصني .
يريد : وصاني ، فحذف الألف ، وهي لام الفعل ، وقد حذفت في مضارع رأى في قولهم : أصاب الناس جهد ولو تر أهل مكة ، وهو حذف لا ينقاس ؛ لكن إذا صحت الرواية به وجب قبوله ، والقراءات جاءت على لغة العرب قياسها وشاذها . { إِنَّ إِلَى رَبّكَ الرُّجْعَى } : أي الرجوع ، مصدر على وزن فعلى ، الألف فيه للتأنيث ، وفيه وعيد للطاغي المستغني ، وتحقير لما هو فيه من حيث ما آله إلى البعث والحساب والجزاء على طغيانه . { أَرَأَيْتَ الَّذِى يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى } : تقدم أنه أبو جهل . قال ابن عطية : ولم يختلف أحد من المفسرين أن الناهي أبو جهل ، وأن العبد المصلي وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، انتهى . وفي الكشاف ، وقال الحسن : هو أمية بن خلف ، كان ينهى سلمان عن الصلاة . وقال التبريزي : المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر . قيل : هي أول جماعة أقيمت في الإسلام ، كان معه أبو بكر وعليّ وجماعة من السابقين ، فمرّ به أبو طالب ومعه ابنه جعفر ، فقال له : صل جناح ابن عمك وانصرف مسروراً ، وأنشأ أبو طالب يقول : % ( إن علياً وجعفراً ثقتي % .
عند ملم الزمان والكرب .
) % .
% ( والله لا أخذل النبي ولا % .
يخذله من يكون من حسبي .
) % .
% ( لا تخذلا وانصرا ابن عمكما % .
أخي لأمّي من بينهم وأبي .
) % .
.
ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بذلك . والخطاب في { أَرَأَيْتَ } الظاهر أنه للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، وكذا { أَرَأَيْتَ } الثاني ، والتناسق في الضمائر هو الذي يقتضيه النظم . وقيل : { أَرَأَيْتَ } خطاب للكافر التفت إلى الكافر فقال : أرأيت يا كافر ، إن كانت صلاته هدى ودعاء إلى الله وأمراً بالتقوى ، أتنهاه مع ذلك ؟ والضمير في { إِن كَانَ } ، وفي { أَن كَذَّبَ } عائد على الناهي . قال الزمخشري : ومعناه أخبرني عن من ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله ، وكان آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد ، وكذلك إن كان على التكذيب