@ 484 @ .
بنصب يشاور ، وهذا محتمل للتخريجين ، وهو أحسن مما تقدم . { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } : كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس ، عبر عن ذلك بالحط على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك ، كما يقول القائل : رفعت عنك مشقة الزيارة ، لمن لم يصدر منه زيارة ، على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه . وقال أهل اللغة : أنقض الحمل ظهر الناقة ، إذا سمعت له صريراً من شدة الحمل ، وسمعت نقيض المرجل : أي صريره . قال عباس بن مرداس : % ( وأنقض ظهري ما تطويت منهم % .
وكنت عليهم مشفقاً متحننا .
) % .
.
وقال جميل : % ( وحتى تداعت بالنقيض حباله % .
وهمت بوأي زورة أن نحطها .
) % .
.
والنقيض : صوت الانقضاض والانفكاك . { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } : هو أن قرنه بذكره تعالى في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والتشهد والخطب ، وفي غير موضع من القرآن ، وفي تسميته نبي الله ورسول الله ، وذكره في كتب الأولين ، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به . وقال حسان : % ( أغر عليه للنبوة خاتم % .
من الله مشهور يلوح ويشهد .
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه .
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد .
) % .
وتعديد هذه النعم عليه صلى الله عليه وسلم ) يقتضي أنه تعالى كما أحسن إليك بهذه المراتب ، فإنه يحسن إليك بظفرك على أعدائك وينصرك عليهم . وكان الكفار أيضاً يعيرون المؤمنين بالفقر ، فذكره هذه النعم وقوى رجاءه بقوله : { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } : أي مع الضيق فرجاً . ثم كرر ذلك مبالغة في حصول اليسر . ولما كان اليسر يعتقب العسر من غير تطاول أزمان ، جعل كأنه معه ، وفي ذلك تبشيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) بحصول اليسر عاجلاً . والظاهر أن التكرار للتوكيد ، كما قلنا . وقيل : تكرر اليسر باعتبار المحل ، فيسر في الدنيا ويسر في الآخرة . وقيل : مع كل عسر يسر ، إن من حيث أن العسر معرف بالعهد ، واليسر منكر ، فالأول غير الثاني . وفي الحديث : ( لن يغلب عسر يسرين ) . وضم سين العسر ويسراً فيهن ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى ، وسكنهما الجمهور . .
ولما عدد تعالى نعمه السابقة عليه صلى الله عليه وسلم ) ، ووعده بتيسير ما عسره ، أمره بأن يدأب في العبادة إذا فرغ من مثلها ولا يفتر . وقال ابن مسعود : { فَإِذَا فَرَغْتَ } من فرضك ، { فَانصَبْ } في التنفل عبادة لربك . وقال أيضاً : { فَانصَبْ } في قيام الليل . وقال مجاهد : قال { فَإِذَا فَرَغْتَ } من شغل دنياك ، { فَانصَبْ } في عبادة ربك . وقال ابن عباس وقتادة : { فَإِذَا فَرَغْتَ } من الصلاة ، { فَانصَبْ } في الدعاء . وقال الحسن : { فَإِذَا فَرَغْتَ } من الجهاد ، { فَانصَبْ } في العبادة . ويعترض قوله هذا بأن الجهاد فرض بالمدينة . وقرأ الجمهور : { فَرَغْتَ } بفتح الراء ؛ وأبو السمال : بكسرها ، وهي لغة . قال الزمخشري : ليست بفصيحة . وقرأ الجمهور : { فَانصَبْ } بسكون الباء خفيفة ، وقوم : بشدها مفتوحة من الأنصاب . وقرأ آخرون من الإمامية : فانصب بكسر الصاد بمعنى : إذا فرغت من الرسالة فانصب خليفة . قال ابن عطية : وهي قراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم ، انتهى . وقرأ الجمهور : { فَارْغَبْ } ، أمر من رغب ثلاثياً : أي اصرف وجه الرغبات إليه لا إلى سواه . وقرأ زيد بن علي وابن أبي عبلة : فرغت ، أمر من رغب بشد الغين . .