@ 453 @ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الاٌّ شْقَى * الَّذِى يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا * وَالاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَاذَا لَفِى الصُّحُفِ الاٍّ ولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } ) $ > 7 ! .
الغثاء ، مخفف الثاء ومشدّدها : ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات والقماش ، قال الشاعر : % ( كأن طميا المجيمر غدوة % .
من السيل والغثاء فلك مغزل .
) % .
.
ورواه الفرّاء : والإغثاء على الجمع ، وهو غريب من حيث جمع فعال على أفعال . الحوّة : سواد يضرب إلى الخضرة ، قال ذو الرّمة : % ( لمياء في شفتيها حوّة لعس % .
وفي اللثات وفي أنيابها شنب .
) % .
.
وقيل : خضرة عليها سواد ، والأحوى : الظبي الذي في ظهره خطان من سواد وبياض ، قال الشاعر : % ( وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن % .
مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد .
.
) % .
وفي الصحاح : الحوة : سمرة ، وقال الأعلم : لون يضرب إلى السواد ، وقال أيضاً : الشديد الخضرة التي تضرب إلى السواد . .
{ سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى * الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِى أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى * سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسّرُكَ لِلْيُسْرَى * فَذَكّرْ إِن نَّفَعَتِ الذّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الاْشْقَى * الَّذِى * يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ * يُحْىِ * قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا * وَالاْخِرَةِ * خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَاذَا لَفِى الصُّحُفِ الاْولَى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسَى } . .
هذه السورة مكية . ولما ذكر فيما قبلها { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } ، كأن قائلاً قال : من خلقه على هذا المثال ؟ فقيل : { سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ } . وأيضاً لما قال : { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } ، قيل : هو { سَنُقْرِئُكَ } ، أي ذلك القول الفصل . .
{ سَبِّحِ } : نزّه عن النقائص ، { اسْمَ رَبّكَ } : الظاهر أن التنزيه يقع على الاسم ، أي نزهه عن أن يسمى به صنم أو وثن فيقال له رب أو إله ، وإذا كان قد أمر بتنزيهه اللفظ أن يطلق على غيره فهو أبلغ ، وتنزيه الذات أحرى . وقيل : الاسم هنا بمعنى المسمى . وقيل : معناه نزّه اسم الله عن أن تذكره إلا وأنت خاشع . وقال ابن عباس : المعنى صلّ باسم ربك الأعلى ، كما تقول : ابدأ باسم ربك ، وحذف حرف الجر . وقيل : لما نزل { فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ } ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : ( اجعلوها في ركوعكم ) . فلما نزل : { سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى } ، قال : ( اجعلوها في سجودكم ) . وكانوا يقولون في الركوع : اللهم لك ركعت ، وفي السجود : اللهم لك سجدت . قالوا : { الاْعْلَى } يصح أن يكون صفة لربك ، وأن يكون صفة لاسم فيكون منصوباً ، وهذا الوجه لا يصح أن يعرب { الَّذِى خَلَقَ } صفة لربك ، فيكون في موضع جر لأنه قد حالت بينه وبين الموصوف صفة لغيره . لو قلت : رأيت غلام هند العاقل الحسنة ، لم يجز ؛ بل لا بد أن تأتي بصفة هند ، ثم تأتي بصفة الغلام فتقول : رأيت غلام هند الحسنة العاقل . فإن لم يجعل الذي صفة لربك ، بل ترفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أو تنصبه على المدح ، جاز أن يكون الأعلى صفة لاسم . .
{ الَّذِى خَلَقَ } : أي كل شيء ، { فَسَوَّى } : أي لم يأت متفاوتاً بل متناسباً على إحكام وإتقان ، دلالة على أنه صادر عن عالم حكيم . وقرأ الجمهور : { قُدِرَ } بشد الدال ، فاحتمل أن يكون من القدر والقضاء ، واحتمل أن يكون من التقدير والموازنة بين الأشياء . وقال الزمخشري : قدّر لكل حيوان ما يصلحه ، فهداه إليه وعرّفه وجه الانتفاع به ، انتهى . وقرأ الكسائي : قدر مخفف الدال من القدرة أو من التقدير والموازنة ، وهدى عام لجميع الهدايات . وقال الفرّاء : فهدى وأضل ، اكتفى بالواحدة عن الأخرى . وقال الكلبي ومقاتل : هدى الحيوان إلى وطء الذكور للإناث . وقال مجاهد : هدى الإنسان للخير والشر ، والبهائم للمراتع . وقيل : هدى المولود عند وضعه إلى مص الثدي ، وهذه الأقوال محمولة على التمثيل لا على التخصيص . والظاهر أن أحوى صفة لغثاء . قال ابن عباس : المعنى { فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى } : أي أسود ، لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسود وتعفن فصار أحوى . وقيل : أحوى حال من المرعى ، أي أحرى المرعى أحوى ، أي للسواد من شدّة خضرته ونضارته لكثرة ريه ، وحسن تأخير أحوى لأجل الفواصل ، وقال : % ( وغيث من الوسمي حوتلاعه % .
تبطنته بشيظم صلتان .
) % .
.
{ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى } ، قال الحسن وقتادة ومالك : هذا في معنى { لاَ تُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ } . وعده الله أن يقرئه ، وأخبره أنه لا ينسى ، وهذه آية للرسول صلى الله عليه وسلم ) في أنه أمّيّ ، وحفظ الله عليه الوحي ، وأمنه من نسائه . وقيل : هذا وعد بإقراء السور ، وأمر أن لا ينسى على معنى التثبيت والتأكيد ، وقد علم أن النسيان ليس في قدرته ، فهو نهي عن إغفال التعاهد ، وأثبتت الألف في { فَلاَ تَنسَى } ، وإن كان مجزوماً بلا التي للنهي لتعديل رءوس الآي . .
{ إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ } ، الظاهر أنه استثناء مقصود . قال الحسن وقتادة وغيرهما : مما قضى الله نسخه ، وأن ترتفع تلاوته وحكمه . وقال ابن عباس : إلا ما شاء الله أن ينسيك لتسن به ، على نحو قوله عليه الصلاة والسلام : ( أني لأنسى وأنسى لأسن ) . وقيل : إلا ما شاء الله أن يغلبك النسيان عليه ، ثم يذكرك به بعد ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، حين سمع قراءة عباد بن بشير : ( لقد ذكرني كذا وكذا آية في سورة كذا وكذا ) . وقيل : { فَلاَ تَنسَى } : أي فلا تترك العمل به إلا ما شاء الله أن تتركه بنسخه إياه ، فهذا في نسخ العمل . وقال الفراء وجماعة : هذا استثناء صلة في الكلام على سنة الله تعالى في الاستثناء ، وليس ثم شيء أبيح