@ 433 @ فقوله : والظرف الذي هو { لَفِى سِجّينٍ } ملغى قول لا يصح ، لأن اللام التي في { لَفِى سِجّينٍ } داخلة على الخبر ، وإذا كانت داخلة على الخبر ، فلا إلغاء في الجار والمجرور ، بل هو الخبر . ولا جائز أن تكون هذه اللام دخلت في { لَفِى سِجّينٍ } على فضلة هي معمولة للخبر أو لصفة الخبر ، فيكون الجار والمجرور ملغى لا خبراً ، لأن كتاب موصوف بمرقوم فلا يعمل ، ولأن مرقوماً الذي هو صفة لكتاب لا يجوز أن تدخل اللام في معموله ، ولا يجوز أن يتقدم معموله على الموصوف ، فتعين بهذا أن قوله : { لَفِى سِجّينٍ } هو خبر إن . .
{ الَّذِينَ يُكَذّبُونَ } : صفة ذم ، { كُلُّ مُعْتَدٍ } : متجاوز الحد ، { أَثِيمٍ } : صفة مبالغة . وقرأ الجمهور : { إِذَا } ؛ والحسن : أئذا بهمزة الاستفهام . والجمهور : { تُتْلَى } بتاء التأنيث ؛ وأبو حيوة وابن مقسم : بالياء . قيل : ونزلت في النضر بن الحرث . { بَلْ رَانَ } ، قرىء بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار وقف حمزة على بل وقفاً خفيفاً يسير التبيين الإظهار . وقال أبو جعفر بن الباذش : وأجمعوا ، يعني القراء ، على إدغام اللام في الراء إلا ما كان من سكت حفص على بل ، ثم يقول : { رَانَ } ، وهذا الذي ذكره ليس كما ذكر من الإجماع . ففي كتاب اللوامح عن قالون : من جميع طرقه إظهار اللام عند الراء ، نحو قوله : { بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ } ، { بَل رَّبُّكُمْ } . وفي كتاب ابن عطية ، وقرأ نافع : { بَلْ رَانَ } غير مدغم ، وفيه أيضاً : وقرأ نافع أيضاً بالإدغام والإمالة . وقال سيبويه : اللام مع الراء نحو : أسفل رحمه البيان والإدغام حسنان . وقال الزمخشري : وقرى بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار والإدغام أجود ، وأميلت الألف وفخمت . انتهى . وقال سيبويه : فإذا كانت ، يعني اللام ، غير لام المعرفة ، نحو لام هل وبل ، فإن الإدغام في بعضها أحسن ، وذلك نحو : هل رأيت ؟ فإن لم تدغم فقلت : هل رأيت ؟ فهي لغة لأهل الحجاز ، وهي غريبة جائزة . انتهى . وقال الحسن والسدي : هو الذنب على الذنب . وقال الحسن : حتى يموت قلبه . وقال السدي : حتى يسود القلب . وفي الحديث نحو من هذا . فقال الكلبي : طبع على قلوبهم . وقال ابن سلام : غطى . { مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، قال ابن عطية : وعلق اللوم بهم فيما كسبوه ، وإن كان ذلك بخلق منه تعالى واختراع ، لأن الثواب والعقاب متعلقان بكسب العبد . والضمير في قوله : { أَنَّهُمْ } ، فمن قال بالرؤية ، وهو قول أهل السنة ، قال إن هؤلاء لا يرون ربهم ، فهم محجوبون عنه . واحتج بهذه الآية مالك على سبيله الرؤية من جهة دليل الخطاب ، وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص . وقال الشافعي : لما حجب قوماً بالسخط ، دل على أن قوماً يرونه بالرضا . ومن قال بأن لا رؤية ، وهو قول المعتزلة ، قال : إنهم يحجبون عن ربهم وغفرانه . نتهى . وقال أنس بن مالك : لما حجب أعداءه فلم يروه ، تجلى لأوليائه حتى رأوه ، وقال الزمخشري : { فَاقِرَةٌ كَلاَّ } ردع عن الكسب الراثن على قلوبهم ، وكونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم ، لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم ، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم . قال الشاعر : % ( إذا اعتروا باب ذي عيبة رحبوا % .
والناس ما بين مرحوب ومحجوب .
) % .
.
وعن ابن عباس وقتادة وابن أبي مليكة : محجوبين عن رحمته . وعن ابن كيسان : عن كرامته . انتهى . وعن مجاهد : المعنى محجوبون عن كرامته ورحمته ، وعن ربهم متعلق بمحجوبون ، وهو العامل في يومئذ ، والتنوين تنوين العوض من الجملة المحذوفة ، ولم تتقدّم جملة قريبة يكون عوضاً منها ، لكنه تقدم { يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ } ، فهو عوض من هذه الجملة ، كأنه قيل : يوم إذ يقوم الناس . ثم هم مع الحجاب عن الله هم صالوا النار ، وهذه ثمرة الحجاب . { ثُمَّ يُقَالُ } : أي تقول لهم خزنة النار . { هَاذَا } ، أي العذاب وصلي النار وهذا اليوم ، { الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } . قال ابن عطية : { هَاذَا الَّذِى } ، يعني الجملة مفعول لم يسم فاعله لأنه قول بني له الفعل الذي هو يقال . انتهى . وتقدم الكلام على نحو هذا في أول البقرة في قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِى الارْضِ } . .
قوله عز وجل : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الاْبْرَارِ لَفِى عِلّيّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الاْبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ * عَلَى الاْرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ