@ 406 @ .
ومنه قول الآخر : % ( أماني من سعدى حسان كأنما % .
سقتك بها سعدى على ظمأ بردا .
.
) % .
والذوق على هذا حقيقة ، والنحويون ينشدون على هذا بيت حسان . بردى ، بفتح الراء والدال بعدها ألف التأنيث : وهو نهر في دمشق . وتقدم شرح الحميم والغساق ، وخلف القرّاء في شدة الشين وخفتها . { وِفَاقاً } : أي لأعمالهم وكفرهم ، وصف الجزاء بالمصدر لوافق ، أو على حذف مضاف ، أي ذا وفاق . وقال الفراء : هو جمع وفق . وقرأ الجمهور : بخف الفاء ؛ وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة : بشدها من وفقه كذا . { لاَ يَرْجُونَ } : لا يخافون أو لا يؤمنون ، والرجاء والأمل مفترقان ، والمعنى هنا : لا يصدقون بالحساب ، فهم لا يؤمنون ولا يخافون . وقرأ الجمهور : { كِذَّاباً } بشد الذال مصدر كذب ، وهي لغة لبعض العرب يمانية . يقولون في مصدر فعل فعالاً ، وغيرهم يجعل مصدره على تفعيل ، نحو تكذيب . ومن تلك اللغة قول الشاعر : % ( لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي % .
وعن حاجة قضاؤها من شفائيا .
.
) % .
ومن كلام أحدهم وهو يستفتي الحلق أحب إليك أم القصار ، يريد التقصير ، يعني في الحج . وقال الزمخشري : وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره ، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال : لقد فسرتها فساراً ما سمع بمثله . وقرأ علي وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى بخلاف عنه بخف الذال . قال صاحب اللوامح علي وعيسى : البصرة ، وعوف الأعرابي : كذاباً ، كلاهما بالتخفيف ، وذلك لغة اليمن بأن يجعلوا مصدر كذب مخففاً ، كذاباً بالتخفيف مثل كتب كتاباً ، فصار المصدر هنا من معنى الفعل دون لفظه ، مثل أعطيته عطاء . انتهى . وقال الأعشى : % ( فصدقتها وكذبتها % .
والمرء ينفعه كذابه .
) % .
.
وقال الزمخشري : هو مثل قوله : { أَنبَتَكُمْ مّنَ الاْرْضِ نَبَاتاً } يعني : وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذاباً ، أو تنصبه بكذبوا لا يتضمن معنى كذبوا ، لأن كل مكذب بالحق كاذب ؛ وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه : وكذبوا بآياتنا فكاذبوا مكاذبة ، أو كذبوا بها مكاذبين لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة ، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب ، فعل من يغالب في أمر فيبلغ فيه أقصى جهده . انتهى . والأظهر الإعراب الأول وما سواه تكلف ، وفي كتاب ابن عطية وكتاب اللوامح . وقرأ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز : وفي كتاب ابن خالويه عمر بن عبد العزيز والماجشون ، ثم اتفقوا كذاباً بضم الكاف وشد الذال ، فخرج على أنه جمع كاذب وانتصب على الحال المؤكدة ، وعلى أنه مفرد صفة لمصدر ، أي تكذيباً كذاباً مفرطاً في التكذيب . وقرأ الجمهور : { وَكُلَّ شىْء } بالنصب : وأبو السمال : بالرفع ، وانتصب { كِتَاباً } على أنه مصدر من معنى { أَحْصَيْنَاهُ } أي إحصاء ، أو يكون { أَحْصَيْنَاهُ } في معنى كتبناه . والتجوز إما في المصدر وإما في الفعل وذلك لالتقائهما في معنى الضبط ، أو على أنه مصدر في موضع الحال ، أو مكتوباً في اللوح وفي مصحف الحفظة . { وَكُلَّ شىْء } عام مخصوص ، أي كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب ، وهي جملة اعتراض معترضة ، وفذوقوا مسبب عن كفرهم بالحساب ، فتكذيبهم بالآيات . وقال عبد الله بن عمر : وما نزلت في أهل النار آية أشد من هذه ، ورواه أبو بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ) . .
ولما ذكر شيئاً من حال أهل النار ، ذكر ما