@ 404 @ السموات . وقال ابن عباس وأبو العالية والربيع والضحاك : السحاب القاطرة ، مأخوذ من العصر ، لأن السحاب ينعصر فيخرج منه الماء . وقيل : السحاب التي فيها الماء ولم تمطر . وقال ابن كيسان : سميت بذلك من حيث تغيث ، فهي من العصرة ، ومنه قوله : { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } . والعاصر : المغيث ، فهو ثلاثي ؛ وجاء هنا من أعصر : أي دخلت في حين العصر ، فحان لها أن تعصر ، وأفعل للدخول في الشيء . وقال ابن عباس أيضاً ومجاهد وقتادة : الرياح لأنها تعصر السحاب ، جعل الإنزال منها لما كانت سبباً فيه . وقرأ ابن الزبير وابن عباس والفضل بن عباس أخوه وعبد الله بن يزيد وعكرمة وقتادة : بالمعصرات ، بالياء بدل من . قال ابن عطية : فهذا يقوي أنه أراد الرياح . وقال الزمخشري : فيه وجهان : أن يراد بالرياح التي حان لها أن تعصر السحاب ، وأن يراد السحاب ، لأنه إذا كان الأنزال منها فهو بها ، كما تقول : أعطى من يده درهماً ، وأعطى بيده درهماً . { ثَجَّاجاً } : منصباً بكثرة ، ومنه أفضل الحج العج والثج : أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى . وقرأ الأعرج : ثجاحاً بالحاء : آخراً ، ومساجح الماء : مصابه ، والماء ينثجح في الوادي . { حَبّاً وَنَبَاتاً } : بدأ بالحب لأنه الذي يتقوت به ، كالحنطة والشعير ، وثنى بالنبات فشمل كل ما ينبت من شجر وحشيش ودخل فيه الحب . { أَلْفَافاً } : ملتفة ، قال الزمخشري : ولا واحد له ، كالأوزاع والأخياف . وقيل : الواحد لف : قال صاحب الإقليد : أنشدني الحسن بن علي الطوسي : % ( جنة لف وعيش مغدق % .
وندامى كلهم بيض زهر .
) % .
.
ولو قيل : هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان قولاً وجيهاً . انتهى . ولا حاجة إلى هذا القول ولا إلى وجاهته ، فقد ذكر في المفردات أن مفرده لف بكسر اللام ، وأنه قول جمهور أهل اللغة . { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ } : هو يوم القيامة يفصل فيه بين الحق والباطل ، { كَانَ مِيقَاتاً } : أي في تقدير الله وحكمه تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده أو حداً للخلائق ينتهون إليه . { يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّوَرِ } : بدل من يوم الفصل . قال الزمخشري : أو عطف بيان ، وتقدم الكلام في الصور . وقرأ أبو عياض : في الصور بفتح الواو جمع صورة ، أي يرد الله الأرواح إلى الأبدان ؛ والجمهور : بسكون الواو . و { فَتَأْتُونَ } من القبور إلى الموقف أمماً ، كل أمة بإمامها . وقيل : جماعات مختلفة . وذكر الزمخشري حديثاً في كيفيات قبيحة لعشرة أصناف يخلقون عليها ، وسبب خلقه من خلق على تلك الكيفية الله أعلم بصحته . وقرأ الكوفيون : { وَفُتِحَتْ } : خف ؛ والجمهور : بالتشديد ، { فَكَانَتْ أَبْواباً } تنشق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدرات . وقيل : ينقطع قطعاً صغاراً حتى تكون كالألواح ، الأبواب المعهود . وقال الزمخشري : { فُتِحَتْ * فَكَانَتْ أَبْواباً } : أي كثرت أبوابها لنزول الملائكة ، كأنها ليست إلا أبواباً مفتحة ، كقوله : { وَفَجَّرْنَا الاْرْضَ عُيُوناً } ، كأن كلها عيون تنفجر . وقيل : الأبواب : الطرق والمسالك ، أي تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقاً لا يسدها شيء . { فَكَانَتْ سَرَاباً } : أي تصير شيئاً كلا شيء لتفرق أجزائها وانبثاث جواهرها . انتهى . وقال ابن عطية : عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منبثاً ، ولم يرد أن الجبال تشبه الماء على بعد من الناظر إليها . وقال الواحدي : على حذف مضاف ، أي ذات أبواب . .
قوله عز وجل : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً * لّلطَّاغِينَ مَئَاباً * لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً * لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً * إِلاَّ حَمِيماً * حَمِيماً وَغَسَّاقاً * جَزَاء وِفَاقاً * إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً * وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كِذَّاباً * وَكُلَّ شَىْء أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً * فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً * حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً * وَكَأْساً دِهَاقاً * لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذباً * جَزَاء مّن رَّبّكَ عَطَاء حِسَاباً * رَّبّ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَانِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَاباً * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبّهِ مَئَاباً * إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْء مَا قَدَّمَتْ