@ 393 @ والعشاء . وقال ابن زيد وغيره : كان ذلك فرضاً ونسخ ، فلا فرض إلا الخمس . وقال قوم : هو محكم على وجه الندب . { إِنَّ هَؤُلآء } : إشارة إلى الكفرة . { يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ } : يؤثرونها على الدنيا . { وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ } : أي أمامهم ، وهو ما يستقبلون من الزمان . { يَوْماً ثَقِيلاً } : استعير الثقل لليوم لشدته ، وهوله من ثقل الجرم الذي يتعب حامله . وتقدم شرح الأسر في سورة القتال . { وَإِذَا شِئْنَا } : أي تبديل أمثالهم بإهلاكهم ، { بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ } ممن يطيع . وقال الزمخشري : وحقه أن يجيء بإن لا بإذا ، كقوله : { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } ، { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } . انتهى . يعني أنهم قالوا إن إذا للمحقق وإن للممكن ، وهو تعالى لم يشأ ، لكنه قد توضع إذا موضع إن ، وإن موضع إذا ، كقوله : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن } . .
{ إِنَّ هَاذِهِ } : أي السورة ، أو آيات القرآن ، أو جملة الشريعة ليس على جهة التخيير ، بل على جهة التحذير من اتخاذ غير سبيل الله . وقال الزمخشري : لمن شاء ممن اختار الخير لنفسه والعاقبة ، واتخاذ السبيل إلى الله عبارة عن التقرب إليه والتوسل بالطاعة . { وَمَا تَشَاءونَ } : الطاعة ، { إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ } ، يقسرهم عليها . { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً } بأحوالهم وما يكون منهم ، { حَكِيماً } حيث خلقهم مع علمه بهم . انتهى ، وفيه دسيسة الاعتزال . وقرأ العربيان وابن كثير : وما يشاءون بياء الغيبة ؛ وباقي السبعة : بتاء الخطاب ؛ ومذهب أهل السنة أنه نفي لقدرتهم على الاختراع وإيجاد المعاني في أنفسهم ، ولا يرد هذا وجود ما لهم من الاكتساب . وقال الزمخشري : فإن قلت : ما محل { أَن يَشَاء اللَّهُ } ؟ قلت : النصب على الظرف ، وأصله : إلا وقت مشيئة الله ، وكذلك قرأ ابن مسعود : إلا ما يشاء الله ، لأن ما مع الفعل كان معه . انتهى . ونصوا على أنه لا يقوم مقام الظرف إلا المصدر المصرح به ، كقولك : أجيئك صياح الديك ، ولا يجيزون : أجيئك أن يصيح الديك ، ولا ما يصيح الديك ؛ فعلى هذا لا يجوز ما قاله الزمخشري . .
{ يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِى رَحْمَتِهِ } : وهم المؤمنون . وقرأ الجمهور : { وَالظَّالِمِينَ } نصباً بإضمار فعل يفسره قوله : { أَعَدَّ لَهُمْ } ، وتقديره : ويعذب الظالمين ، وهو من باب الاشتغال ، جملة عطف فعلية على جملة فعلية . وقرأ ابن الزبير وأبان بن عثمان وابن أبي عبلة : والظالمون ، عطف جملة اسمية على فعلية ، وهو جائز حسن . وقرأ عبد الله : وللظالمين بلام الجر ، وهو متعلق بأعد لهم توكيداً ، ولا يجوز أن يكون من باب الاشتغال ، ويقدر فعل يفسره الفعل الذي بعده ، فيكون التقدير : وأعد للظالمين أعدّ لهم ، وهذا مذهب الجمهور ، وفيه خلاف ضعيف مذكور في النحو ، فتقول : بزيد مررت به ، ويكون التقدير : مررت بزيد مررت به ، ويكون من باب الاشتغال . والمحفوظ المعروف عن العرب نصب الاسم وتفسير مررت المتأخر ، وما أشبهه من جهة المعنى فعلاً ماضياً . .