@ 388 @ قصب ونحوه حيث شاءوا ، فهي تجري عند كل واحد منهم ، هكذا ورد في الأثر . وقيل : هي عين في دار رسول الله صلى الله عليه وسلم ) تنفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين . { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } في الدنيا ، وكانوا يخافون . وقال الزمخشري : { يُوفُونَ } جواب من عسى يقول ما لهم يرزقون ذلك . انتهى . فاستعمل عسى صلة لمن وهو لا يجوز ، وأتى بعد عسى بالمضارع غير مقرون بأن ، وهو قليل أو في شعر . والظاهر أن المراد بالنذر ما هو المعهود في الشريعة أنه نذر . قال الأصم وتبعه الزمخشري : هذا مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات ، لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه كان لما أوجبه الله تعالى عليه أوفى . وقيل : النذر هنا عام لما أوجبه الله تعالى ، وما أوجبه العبد فيدخل فيه الإيمان وجمع الطاعات . { عَلَى حُبّهِ } : أي على حب الطعام ، إذ هو محبوب للفاقة والحاجة ، قاله ابن عباس ومجاهد ؛ أو على حب الله : أي لوجهه وابتغاء مرضاته ، قاله الفضيل بن عياض وأبو سليمان الداراني . والأول أمدح ، لأن فيه الإيثار على النفس ؛ وأما الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر . وقال الحسن بن الفضل : على حب الطعام ، أي محبين في فعلهم ذلك ، لا رياء فيه ولا تكلف . { مِسْكِيناً } : وهو الطواف المنكسر في السؤال ، { وَيَتِيماً } : هو الصبي الذي لا أب له ، { وَأَسِيراً } : والأسير معروف ، وهو من الكفار ، قاله قتادة . وقيل : من المسلمين تركوا في بلاد الكفار رهائن وخرجوا لطلب الفداء . وقال ابن جبير وعطاء : هو الأسير من أهل القبلة . وقيل : { وَأَسِيراً } استعارة وتشبيه . وقال مجاهد وابن جبير وعطاء : هو المسجون . وقال أبو حمزة اليماني : هي الزوجة ؛ وعن أبي سعيد الخدري : هو المملوك والمسجون . وفي الحديث : ( غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك ) . .
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ } : هو على إضمار القول ، ويجوز أن يكونوا صرحوا به خطاباً للمذكورين ، منعاً منهم وعن المجازاة بمثله أو الشكر ، لأن إحسانهم مفعول لوجه الله تعالى ، فلا معنى لمكافأة الخلق ، وهذا هو الظاهر . وقال مجاهد : أما أنهم ما تكلموا به ، ولكن الله تعالى علمه منهم فأثنى عليهم به . { لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء } : أي بالأفعال ، { وَلاَ شُكُوراً } : أي ثناء بالأقوال ؛ وهذه الآية قيل نزلت في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وذكر النقاش في ذلك حكاية طويلة جداً ظاهرة الاختلاف ، وفيها إشعار للمسكين واليتيم والأسير ، يخاطبون بها ببيت النبوة ، وإشعار لفاطمة رضي الله عنها تخاطب كل واحد منهم ، ظاهرها الاختلاف لسفساف ألفاظها وكسر أبياتها وسفاطة معانيها . { يَوْماً عَبُوساً } : نسبة العبوس إلى اليوم مجاز . قال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من عينيه عرق كالقطران . وقرأ الجمهور : { فَوَقَاهُمُ } بخفة القاف ؛ وأبو جعفر : بشدها ؛ { وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً } : بدل عبوس الكافر ، { وَسُرُوراً } : فرحاً بدل حزنه ، لا تكاد تكون النظرة إلا مع فرح النفس وقرة العين . وقرأ الجمهور : { وَجَزَاهُمْ } ؛ وعليّ : وجازاهم على وزن فاعل ، { جَنَّةً وَحَرِيراً } : بستاناً فيه كل مأكل هنيء ، { وَحَرِيراً } فيه ملبس بهي ، وناسب ذكر الحرير مع الجنة لأنهم أوثروا على الجوع والغذاء . { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا } : أي في الجنة ، { شَمْساً } : أي حر شمس ولا شدة برد ، أي لا شمس فيها فترى فيؤذي حرها ، ولا زمهرير يرى فيؤذي بشدته ، أي هي معتدلة الهواء . وفي الحديث : ( هواء الجنة سجسج لا حر ولا قر ) . وقيل : لا يرون فيها شمساً ولا قمراً ، والزمهرير في لغة طيء القمر . .
وقرأ الجمهور : { وَدَانِيَةً } ، قال الزجاج : هو حال عطفاً على { مُتَّكِئِينَ } . وقال أيضاً : ويجوز أن يكون صفة للجنة ، فالمعنى : وجزاهم جنة دانية . وقال الزمخشري : ما معناه أنها حال مطعوفة على حال وهي لا يرون ، أي غير رائين ، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم ، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقر ودنوّ الظلال عليهم . وقرأ أبو حيوة : ودانية بالرفع ، واستدل به الأخفش على جواز رفع اسم الفاعل من غير أن يعتمد ، نحو قولك : قائم الزيدون ، ولا حجة فيه لأن الأظهر أن يكون { ظِلَالُهَا } مبتدأ { وَدَانِيَةً } خبر له . وقرأ الأعمش : ودانياً عليهم ، وهو كقوله : { خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ } . وقرأ أبيّ : ودان مرفوع ، فهذا يمكن أن يستدل به الأخفش . { وَذُلّلَتْ قُطُوفُهَا } ، قال قتادة ومجاهد وسفيان : إن كان الإنسان قائماً ، تناول الثمر دون كلفة ؛ وإن قاعداً أو مضطعجاً فكذلك ، فهذا تذليلها ، لا يرد اليد عنها بعد ولا شوك . فأما على قراءة الجمهور : { وَدَانِيَةً } بالنصب ، كان { وَذُلّلَتْ } معطوفاً على دانية لأنها في تقدير المفرد ، أي