@ 377 @ُ وَالْقَمَرُ } : لم تلحق علامة التأنيث ، لأن تأنيث الشمس مجان ، أو لتغليب التذكير على التأنيث . وقال الكسائي : حمل على المعنى ، والتقدير : جمع النوران أو الضياآن ، ومعنى الجمع بينهما ، قال عطاء بن يسار : يجمعان فيلقيان في النار ، وعنه يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر ، فيكونان نار الله الكبرى . وقيل : يجمع بينهما في الطلوع من المغرب ، فيطلعان أسودين مكورين . وقال علي وابن عباس : يجعلان في نور الحجب ، وقيل : يجتمعان ولا يتفرقان ، ويقربان من الناس فيلحقهم العرق لشدة الحر ، فكأن المعنى : يجمع حرهما . وقيل : يجمع بينهما في ذهابه الضوء ، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار . وقرأ الجمهور : { الْمَفَرُّ } بفتح الميم والفاء ، أي أين الفرار ؟ وقرأ الحسن بن علي بن أبي طالب ، والحسن بن زيد ، وابن عباس والحسن وعكرمة وأيوب السختياني وكلثوم بن عياض ومجاهد وابن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى وابن أبي إسحاق وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزهري : بكسر الفاء ، وهو موضع الفرار . وقرأ الحسن : بكسر الميم وفتح الفاء ، ونسبها ابن عطية للزهري ، أي الجيد الفرار ، وأكثر ما يستعمل هذا الوزن في الآلات وفي صفات الخيل ، نحو قوله : .
مكر مفر مقبل مدبر معاً .
والظاهر أن قوله : { كَلاَّ لاَ وَزَرَ * إِلَى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ } من تمام قول الإنسان . وقيل : هو من كلام الله تعالى ، لا حكاية عن الإنسان . { كَلاَّ } : ردع عن طلب المفر ، { لاَ وَزَرَ } : لا ملجأ ، وعبر المفسرون عنه بالجبل . قال مطرف بن الشخير : هو كان وزر فرار العرب في بلادهم ، فلذلك استعمل ؛ والحقيقة أنه الملجأ من جبل أو حصن أو سلاح أو رجل أو غيره . { إِلَى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ } : أي إلى حكمه يومئذ تقول أين المفر ، { الْمُسْتَقَرُّ } : أي الاستقرار ، أو موضع استقرار من جنة أو نار إلى مشيئته تعالى ، يدخل من شاء الجنة ، ويدخل من شاء النار . { بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } ، قال عبد الله وابن عباس : بما قدم في حياته وأخر من سنة يعمل بها بعده . وقال ابن عباس أيضاً : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات . وقال زيد بن أسلم : بما قدم من ماله لنفسه ، وبما أخر منه للوارث . وقال النخعي ومجاهد : بأول عمله وآخره . وقال الضحاك : بما قدم من فرض وأخر من فرض ؛ والظاهر حمله على العموم ، أي يخبره بكل ما قدم وكل ما أخر مما ذكره المفسرون ومما لم يذكروه . { بَصِيرَةٌ } : خبر عن الإنسان ، أي شاهد ، قاله قتادة ، والهاء للمبالغة . وقال الأخفش : هو كقولك : فلإن عبرة وحجة . وقيل : أنث لأنه أراد جوارحه ، أي جوارحه على نفسه بصيرة . وقيل : بصيرة مبتدأ محذوف الموصوف ، أي عين بصيرة ، وعلى نفسه الخبر . والجملة في موضع خبر عن الإنسان ، والتقدير عين بصيرة ، وإليه ذهب الفراء وأنشد : % ( كأن على ذي العقل عيناً بصيرة % .
بمقعده أو منظر هو ناظره .
يحاذر حتى يحسب الناس كلهممن الخوف لا تخفى عليهم سرائره .
.
) % .
وعلى هذا نختار أن تكون بصيرة فاعلاً بالجار والمجرور ، وهو الخبر عن الإنسان . ألا ترى أنه قد اعتمد بوقوعه خبراً