@ 326 @ً جَمِيلاً * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً * يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى تُوِيهِ * وَمَن فِى الاْرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ * كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لّلشَّوَى * تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى * إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلاَّ الْمُصَلّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِى أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لَّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدّقُونَ بِيَوْمِ الدّينِ * وَالَّذِينَ هُم مّنْ عَذَابِ رَبّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لاِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَاداتِهِم قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِى جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } . .
هذه السورة مكية . قال الجمهور : نزلت في النضر بن الحرث حين قال : { اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } الآية . وقال الربيع بن أنس : في أبى جهل . وقيل : في جماعة من قريش قالوا : { اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ } الآية . وقيل : السائل نوح عليه السلام ، سأل العذاب على الكافرين . وقيل : السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، سأل الله أن يشدد وطأته على مضر الحديث ، فاستجاب الله دعوته . .
ومناسبة أولها لآخر ما قبلها : أنه لما ذكر { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ } ، أخبر عن ما صدر عن بعض المكذبين بنقم الله ، وإن كان السائل نوحاً عليه السلام ، أو الرسول صلى الله عليه وسلم ) . فناسب تكذيب المكذبين أن دعا عليهم رسولهم حتى يصابوا فيعرفوا صدق ما جاءهم به . .
وقرأ الجمهور : { سَأَلَ } بالهمز : أي دعا داع ، من قولهم : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه ، فالباء على أصلها . وقيل : المعنى بحث باحث واستفهم . قيل : فالباء بمعنى عن . وقرأ نافع وابن عامر : سال بألف ، فيجوز أن يكون قد أبدلت همزته ألفاً ، وهو بدل على غير قياس ، وإنما قياس هذا بين بين ، ويجوز أن يكون على لغة من قال : سلت أسأل ، حكاها سيبويه . وقال الزمخشري : هي لغة قريش ، يقولون : سلت تسال وهما يتسايلان . انتهى . وينبغي أن يتثبت في قوله إنها لغة قريش . لأن ما جاء في القرآن من باب السؤال هو مهموز أو أصله الهمز ، كقراءة من قرأ : وسلوا الله من فضله ، إذ لا يجوز أن يكون من سال التي عينها واو ، إذ كان يكون ذلك وسلوا الله مثل خافوا الأمر ، فيبعد أن يجيء ذلك كله على لغة غير قريش ، وهم الذين نزل القرآن بلغتهم إلا يسيراً فيه لغة غيرهم . ثم جاء في كلام الزمخشري : وهما يتسايلان بالياء ، وأظنه من الناسخ ، وإنما هو يتساولان بالواو . فإن توافقت النسخ بالياء ، فيكون التحريف من الزمخشري ؛ وعلى تقدير أنه من السؤال ، فسائل اسم فاعل منه ، وتقدم ذكر الخلاف في السائل من هو . وقيل : سال من السيلان ، ويؤيده قراءة ابن عباس : سال سايل . وقال زيد بن ثابت : في جهنم واد يسمى سايلاً وأخبر هنا عنه . قال ابن عطية : ويحتمل إن لم يصح أمر الوادي أن يكون الإخبار عن نفوذ القدر بذلك العذاب قد استعير له السيل لما عهد من نفوذ السيل وتصميمه . وقال الزمخشري : والسيل مصدر في معنى السايل ، كالغور بمعنى الغاير ، والمعنى : اندفع عليهم وادي عذاب ، فذهب بهم وأهلكهم . انتهى . وإذا كان السائل هم الكفار ، فسؤالهم إنما كان على أنه كذب عندهم ، فأخبر تعالى أنه واقع وعيداً لهم . وقرأ أبي وعبد الله : سال سال مثل مال بإلقاء صورة الهمزة وهي الياء من الخط تخفيفاً . قيل : والمراد سائل . انتهى . ولم يحك هل قرأ بالهمز أو بإسقاطها ألبتة . فإن قرأ بالهمز فظاهر ، وإن قرأ بحذفها فهو مثل شاك شايك ، حذفت عينه واللام جرى فيها الإعراب ، والظاهر تعلق بعذاب بسال . وقال أبو عبد الله الرازي : يتعلق بمصدر دل عليه فعله ، كأنه