@ 315 @ .
حض على الشيء : حمل على فعله بتوكيد . الغسلين ، قال اللغويون : ما يجري من الجراح إذا غسلت . الوتين : عرق يتعلق به القلب ، إذا انقطع مات صاحبه . وقال الكلبي : عرق بين العلباء والحلقوم ، والعلباء : عصب العنق ، وهما علباوان بينهما العرق . وقيل : عرق غليظ تصادفه شفرة الناحر ، ومنه قول الشماخ : % ( إذا بلغتني وحملت رحلي % .
عرابة فاشرقي بدم الوتين .
) % .
.
{ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مّن بَاقِيَةٍ * وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً * إِنَّا لَمَّا * طَغَى * الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِى الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ واعِيَةٌ * فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الاْرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً واحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } . .
هذه السورة مكية . ومناسبتها لما قبلها : أنه لما ذكر شيئاً من أحوال السعداء والأشقياء ، وقال : { ذَرْنِى وَمَنْ * يُكَذّبُ بِهَاذَا الْحَدِيثِ } ، ذكر حديث القيامة وما أعد الله تعالى لأهل السعادة وأهل الشقاوة ، وأدرج بينهما شيئاً من أحوال الذين كذبوا الرسل ، كعاد وثمود وفرعون ، ليزدجر بذكرهم وما جرى عليهم الكفار الذين عاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وكانت العرب عالمة بهلاك عاد وثمود وفرعون ، فقص عليهم ذلك . .
{ الْحَاقَّةُ } : المراد بها القيامة والبعث ، قاله ابن عباس وغيره ، لأنها حقت لكل عامل عمله . وقال ابن عباس وغيره : لأنها تبدي حقائق الأشياء . وقيل : سميت بذلك لأن الأمر يحق فيها ، فهي من باب ليل نائم . والحاقة اسم فاعل من حق الشيء إذا ثبت ولم يشك في صحته . وقال الأزهري : حاققته فحققته أحقه : أي غالبته فغلبته . فالقيامة حاقة لأنها تحقق كل محاق في دين الله بالباطل ، أي كل مخاصم فتغلبه . وقيل : الحاقة مصدر كالعاقبة والعافية ، والحاقة مبتدأ ، وما مبتدأ ثان ، والحاقة خبره ، والجملة خبر عن الحاقة ، والرابط تكرار المبتدأ بلفظه نحو : زيد ما زيد ، وما استفهام لا يراد حقيقته بل التعظيم ، وأكثر ما يربط بتكرار المبتدأ إذا أريد ، يعني التعظيم والتهويل . { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ } : مبالغة في التهويل ، والمعنى أن فيها ما لم يدر ولم يحط به وصف من أمورها الشاقة وتفصيل أوصافها . وما استفهام أيضاً مبتدأ ، { * وأدراك } الخبر ، والعائد على ما ضمير الرفع في { وَمَا أَدْرَاكَ } ، وما مبتدأ ، والحاقة خبر ، والجملة في موضع نصب بأدراك ، وأدراك معلقة . وأصل درى أن يعدى بالباء ، وقد تحذف على قلة ، فإذا دخلت همزة النقل تعدى إلى واحد بنفسه وإلى الآخر بحرف الجر ، فقوله : { مَا الْحَاقَّةُ } بعد أدراك في موضع نصب بعد إسقاط حرف الجر . .
والقارعة من أسماء القيامة ، لأنها تقرع القلوب بصدمتها . وقال الزمخشري : تقرع الناس بالأقراع والأهوال ، والسماء بالانشقاق والانفطار ، والأرض والجبال بالدك والنسف ، والنجوم بالطمس والانكدار ؛ فوضع الضمير ليدل على معنى القرع في الحاقة زيادة في وصف شدّتها . ولما ذكرها وفخمها ، أتبع ذلك ذكر من كذب بها وما حل بهم بسبب التكذيب ، تذكيراً لأهل مكة وتخويفاً لهم من عاقبة تكذيبهم . انتهى . .
وقرأ الجمهور : { فَأُهْلِكُواْ } : رباعياً مبنياً للمفعول ؛ وزيد بن عليّ : فهلكوا مبنياً للفاعل . قال قتادة : بالطاغية : بالصيحة التي خرجت عن حد كل صيحة . وقال مجاهد وابن زيد : بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها . وقال ابن عباس وابن زيد أيضاً وأبو عبيدة ما معناه : الطاغية مصدر كالعاقبة ، فكأنه قال : بطغيانهم ، ويدل عليه