@ 280 @ ( سقط : بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ، لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا ) .
وروي أن قوماً ، منهم أبيّ بن كعب وخلاد بن النعمان ، لما سمعوا قوله : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوء } ، قالوا : يا رسول الله ، فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر ؟ فنزلت هذه الآية ، فقال قائل : فما عدة الحامل ؟ فنزلت { أُوْلَاتِ * الاْحْمَالِ } . وقرأ الجمهور : { يَئِسْنَ } فعلاً ماضياً . وقرىء : بياءين مضارعاً ، ومعنى { إِنِ ارْتَبْتُمْ } في أنها يئست أم لا ، لأجل مكان ظهور الحمل ، وإن كان انقطع دمها . وقيل : إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس ، أهو دم حيض أو استحاضة ؟ وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها ، فغير المرتاب بها أولى بذلك . وقدر بعضهم مبلغ اليأس بستين سنة ، وبعضهم بخمس وخمسين . وقيل : غالب سن يأس عشيرة المرأة . وقيل : أقصى عادة امرأة في العالم . وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة أطبق بها الدم ، لا ندري أهو دم حيض أو دم علة . وقيل : { إِنِ ارْتَبْتُمْ } : شككتم في حالهن وحكمهن فلم تدروا ما حكمهن ، فالحكم أن عدتهن ثلاثة أشهر . واختار الطبري أن معنى { إِنِ ارْتَبْتُمْ } : شككتم فلم تدروا ما الحكم ، فقيل : { إِنِ ارْتَبْتُمْ } : أي إن تيقنتم إياسهن ، وهو من الأضداد . وقال الزجاج : المعنى إن ارتبتم في حيضها ، وقد انقطع عنها الدم ، وكانت مما يحيض مثلها . وقال مجاهد أيضاً : { إِنِ ارْتَبْتُمْ } هو للمخاطبين ، أي إن لم تعلموا عدة الآيسة ، { وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ } ، فالعدة هذه ، فتلخص في قوله : { إِنِ ارْتَبْتُمْ } قولان : أحدهما ، أنه على ظاهر مفهوم اللغة فيه ، وهو حصول الشك ؛ والآخر ، أن معناه التيقن للإياس ؛ والقول الأول معناه : إن ارتبتم في دمها ، أهو دم حيض أو دم علة ؟ أو إن ارتبتم في علوق بحمل أم لا ؛ أو إن ارتبتم : أي جهلتم عدتهن ، أقوال . والظاهر أن قوله : { وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ } يشمل من لم يحض لصغر ، ومن لا يكون لها حيض البتة ، وهو موجود في النساء ، وهو أنها تعيش إلى أن تموت ولا تحيض . ومن أتى عليها زمان الحيض وما بلغت به ولم تحض فقيل : هذه تعتد سنة . { وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ } معطوف على { وَاللاَّئِى يَئِسْنَ } ، فإعرابه مبتدأ كإعراب { وَاللاَّئِى يَئِسْنَ } ، وقدروا خبره جملة من جنس خبر الأول ، أي عدتهن ثلاثة أشهر ، والأولى أن يقدر مثل أولئك أو كذلك ، فيكون المقدر مفرداً جملة . { وَأُوْلَاتُ الاْحْمَالِ } عام في المطلقة وفي المتوفي عنها زوجها ، وهو قول عمر وابن مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وفقهاء الأمصار . وقال علي وابن عباس : { وَأُوْلَاتُ الاْحْمَالِ } في المطلقات ، وأما المتوفي عنها فعدتها أقصى الأجلين ، فلو وضعت قبل أربعة أشهر وعشر صبرت إلى آخرها ، والحجة عليها حديث سبيعة . وقال ابن مسعود : من شاء لاعنته ، ما نزلت { وَأُوْلَاتُ الاْحْمَالِ } إلا بعد آية المتوفى عنها زوجها . وقرأ الجمهور : { حَمْلَهُنَّ } مفرداً ؛ والضحاك : أحمالهن جمعاً . .
{ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ } : يريد ما علم من حكم المعتدات . وقرأ الجمهور : { وَيُعْظِمْ } بالياء مضارع أعظم ؛ والأعمش : نعظم بالنون ، خروجاً من الغيبة للتكلم ؛ وابن مقسم : بالياء والتشديد مضارع عظم مشدداً . .
ولما كان الكلام في أمر المطلقات وأحكامهن من العدد وغيرها ، وكن لا يطلقهن أزواجهن إلا عن بغض لهن وكراهة ، جاء عقيب بعض الجمل الأمر بالتقوى من حيث المعنى ، مبرزاً في صورة شرط وجزاء في قوله : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ } ، إذ الزوج المطلق قد ينسب إلى مطلقته بعض ما يشينها به وينفر الخطاب عنها ، ويوهم أنه إنما فارقها لأمر ظهر له منها ، فلذلك تكرر قوله : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ } في العمل بما أنزله من هذه الأحكام ، وحافظ على الحقوق الواجبة عليه من ترك الضرار والنفقة على المعتدات وغير ذلك مما يلزمه ، يرتب له تكفير السيئات وإعظام الأجر . ومن في { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } للتبعيض : أي بعض مكان سكناكم . وقال قتادة : إن لم يكن له إلا بيت واحد أسكنها في بعض جوانبه ، قاله الزمخشري . وقال الحوفي : من لابتداء الغاية ، وكذا قال أبو البقاء . و { مّن وُجْدِكُمْ } . قال الزمخشري : فإن قلت : فقوله : { مّن وُجْدِكُمْ } . قلت : هو عطف بيان ، كقوله : { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم }