@ 243 @ وأخرب : ترك الموضع خراباً وذهب عنه . { فَاعْتَبِرُواْ } : تفطنوا لما دبر الله من إخراجهم بتسليط المؤمنين عليهم من غير قتال . .
وقيل : وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) المسلمين أن يورثهم الله أرضهم وأموالهم بغير قتال ، فقال : فكان كما قال ؛ { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَء لَعَذَّبَهُمْ فِى الدُّنْيَا } : أي لولا أنه تعالى قضى أنه سيجليهم من ديارهم ويبقون مدة يؤمن بعضهم ويولد لبعضهم من يؤمن ، لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي ، كما فعل بإخوانهم بني قريظة . وكان بنو النضير من الجيش الذين عصوا موسى في كونهم لم يقتلوا الغلام ابن ملك العماليق ، تركوه لجماله وعقله . وقال موسى عليه السلام : لا تستحيوا منهم أحداً . فلما رجعوا إلى الشام ، وجدوا موسى عليه السلام قد مات . فقال لهم بنو إسرائيل : أننم عصاة ، والله لا دخلتم علينا بلادنا ، فانصرفوا إلى الحجاز ، فكانوا فيه ، فلم يجر عليهم الجلاء الذي أجلاه بخت نصر على أهل الشام . وكان الله قد كتب على بني إسرائيل جلاء ، فنالهم هذا الجلاء على يد محمد صلى الله عليه وسلم ) ، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا بالسيف والقتل ، كأهل بدر وغيرهم . .
ويقال : جلا القوم عن منازلهم وأجلاهم غيرهم . قيل : والفرق بين الجلاء والإخراج : أن الجلاء ما كان مع الأهل والولد ، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد . وقال الماوردي : الجلاء لا يكون إلا لجماعة ، والإخراج قد يكون لواحد وجماعة . وقرأ الجمهور : الجلاء ممدوداً ؛ والحسن بن صالح وأخوه علي بن صالح : مقصوراً ؛ وطلحة : مهموزاً من غير ألف كالبنأ . { وَلَهُمْ فِى الاْخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ } : أي إن نجوا من عذاب الدنيا ، لم ينجوا في الآخرة . وقرأ طلحة : ومن يشاقق بالإظهار ، كالمتفق عليه في الأنفال ؛ والجمهور ؛ بالإدغام . كان بعض الصحابة قد شرع في بعض نخل بني النضير يقطع ويحرق ، وذلك في صدر الحرب ، فقالوا : ما هذا الإفساد يا محمد وأنت تنهى عن الإفساد ؟ فكفوا عن ذلك ، ونزل : { مَا قَطَعْتُمْ مّن لّينَةٍ } الآية رداً على بني النضير ، وإخباراً أن ذلك بتسويغ الله وتمكينه ليخربكم به ويذلكم . واللينة والنخلة اسمان بمعنى واحد ، قاله الحسن ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون . وقال الشاعر : % ( كان قيودي فوقها عش طائر % .
على لينة سوقاً يهفو حيونها .
) % .
.
وقال آخر : % ( طراق الحوامي واقع فوق لينة % .
يدي ليلة في ولشه يترقرق .
) % .
.
وقال ابن عباس وجماعة من أهل اللغة : هي النخلة ما لم تكن عجوة . وقال الثوري : الكريمة من النخل . وقال أبو عبيدة وسفيان : ما ثمرها لون ، وهو نوع من التمر يقال له اللون . قال سفيان : هو شديد الصفرة يشف عن نواه فيرى من خارج . وقال أيضاً أبو عبيدة : اللين : ألوان النخل المختلطة التي ليس فيها عجوة ولا برني . وقال جعفر بن محمد : هي العجوة ، وقيل : هي السيلان ، وأنشد فيه : % ( غرسوا لينة بمجرى معين % .
ثم حف النخيل بالآجام .
) % .
.
وقيل : هي أغصان الأشجار للينها ، فعلى هذا لا يكون أصل الياء الواو . وقيل : هي النخلة القصيرة . وقال الأصمعي : هي الدفل ، وما شرطية منصوبة بقطعتم ، ومن لينة تبيين لإبهام ما ، وجواب الشرط { فَبِإِذْنِ اللَّهِ } : أي فقطعها أو تركها بإذن الله . وقرأ الجمهور ؛ { قَائِمَةً } ، أنث قائمة ، والضمير في { تَرَكْتُمُوهَا } على معنى ما . وقرأ عبد الله